الانتهاكات الاسرائيلية التي تتعرض لها محافظة سلفيت
2017-09-10رام الله – الإدارة العامة للاعلام والتعبئة الفكرية - ابتسام الحساسنة
تعيش محافظة سلفيت ببلداتها وقراها معاناة شديدة وحالة من التمزق بفعل ممارسات الاحتلال، أهمها : تصاعد وتيرة الاستيطان، وجدار العزل العنصري، والتلوث البيئي الناتج عن مخلفات المستوطنات خاصة المناطق الصناعية، وسرقة آلاف الدونمات الزراعية، ومصادرة المياه الجوفية، وطمس معالمها التاريخية والدينية، إذ بدأ بلدوزر الاستيطان يأكل أرض سلفيت منذ عام 1975م، وذلك بإقامة العديد من البؤر الاستيطانية الصغيرة، التي سرعان ما تضخمت وتوسعت في أراضي المحافظة، وهيمنت على مساحات واسعة من الأراضي، وضمتها لحدود المستوطنات، بأوامر عسكرية إسرائيلية وذرائع وحجج أمنية مُخْتَلَقَة.
يرى كثير من الخبراء والمختصين في قضايا الاستيطان أن سلفيت تعدُّ المحافظة الثانية بعد القدس من حيث الاستهداف الاستيطاني الإسرائيلي، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التصريحات من قبل مسؤولين إسرائيليين بأن مستوطنة "أرئيل" ستبقى داخل حدود "دولة" إسرائيل، وأن الهدف من التوسع الاستيطاني في سلفيت هو فصل شمال الضفة عن جنوبها، والهيمنة على المياه الجوفية في المحافظة.
إن مخاطر الاستيطان الهائلة الناجمة عن الهجمة الاستيطانية في محافظة سلفيت وصلت إلى حد لا يمكن أن يطاق فلسطينيا، فقد بلغ عدد المستوطنات فيها17 مستوطنة، أكبرها مستوطنة أريئيل، التي تعدُّ من أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، وبلغ عدد البؤر الاستيطانية التي أقيمت بعد عام 2000م ست بؤر، وعدد المواقع العسكرية ثلاثة مواقع، وبلغ عدد المناطق الصناعية فيها ثلاث مناطق، فيما بلغ عدد المواقع الخدماتية للمستوطنين موقعًا واحدًا. هذا العدد يفوق عدد التجمعات الفلسطينية في المحافظة البالغ 20 تجمعًا.
مما يزيد الأمر سوءًا قرب المستوطنات من المنازل الفلسطينية في قرى مردة، ومسحة، ودير استيا، فهذه المستوطنات آخذة بالتوسع المستمر على حساب أراضي المواطنين في هذه القرى.
ان أحد أهم أسباب الأطماع الإسرائيلية بهذه المحافظة تربعها على أهم الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، حيث تقوم سلطات الاحتلال بسرقتها وضخها لصالح المستوطنات المقامة على أراضي المحافظة.
دوافع الاستعمار الاستيطاني في محافظة سلفيت
تعود دوافع الاستعمار الاستيطاني في محافظة سلفيت بهدف التهويد الكامل للضفة الغربية، واحكام السيطرة على كافة المحافظات الفلسطينية، وفي سبيل ذلك رسمت العديد من المكائد ووضعت العديد من السياسات، كاستخدام الاستيطان لتضييق الخناق على الفلسطينيين ومحاربتهم بانتهاك كافة حقوقهم، وحرمانهم من أرزاقهم، ليحيلهم إلى مجرد عبيد لا حول لهم ولا قوة، يعملون في مصانع الاحتلال، تقيد حركتهم الحواجز على الطرق، والمستوطنات على الأرض.
لقد نكبت محافظة سلفيت باختيار الاحتلال لأراضيها كجزء يقع على الخط الاستيطاني الذي خطط لفصل شمال الوطن عن جنوبه، فقد بدأ الغزو الاستعماري الاستيطاني على محافظة سلفيت، بسبب موقعها الجغرافي المتميز، وبسبب خصوبة تربتها، ولتربعها على أحد أهم الأحواض المائية في الضفة الغربية، فضلًا عن رغبته في فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، ولفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها عبر زرع خط من المستوطنات يقطع التواصل الجغرافي والسكاني الفلسطيني بين أوصال الوطن في شماله عن جنوبه، حيث استخدمت سلطات الاحتلال في سبيل تحقيق أطماعها طرق الاحتيال والخداع والتزوير، وجلب المزيد من المستوطنين اليهود المهاجرين من جميع أصقاع الأرض، لترجيح كفة الميزان الديموغرافي في هذه المحافظة لصالح المستوطنين، فليس لهذه الأعداد التصاعدية من الوجوه الغريبة أية علاقة بما يسمى بـ"النمو الطبيعي" للمستوطنين. وقد سعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وبالتعاون مع مجلس المستوطنات في منطقة سلفيت لتحقيق هذه الأطماع .
ومن ضمن المكائد التي حاكتها دولة الاحتلال الإقدام على ابتلاع مساحات شاسعة من أراضي محافظة سلفيت بحجة إنشاء شبكة من الطرق والشوارع الالتفافية في أراضي محافظة سلفيت، وكان أرئيل شارون (رئيس وزراء إسرائيل السابق) قد أكد بتاريخ (12/4/2004م) (حول الاستيطان في محافظة سلفيت) أن جميع المستوطنات التي تقع حول مستوطنة أرئيل، وأرئيل نفسها، ستبقى خاضعة للسيطرة الأمنية والسياسية الإسرائيلية (حسب صحيفة الحياة الجديدة الصادرة بتاريخ 13/4/2004)؛ وهذا يعني أن محافظة سلفيت قد داهمها الخطر الحقيقي جراء وجود هذه المستوطنات، التي عملت على شطر أوصال المحافظة وتفتيتها، وفصل التجمعات والقرى الفلسطينية بعضها عن بعض، وأدت إلى منع التواصل الجغرافي بينها، ما أسفر عن نتائج خطيرة أصابت الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لأهالي هذه المحافظة، وكافة المحافظات الفلسطينية، ومنعت الترابط الاجتماعي والأسري بين المواطنين، إذ حرمتهم من حرية الحركة والتنقل من قرية إلى أخرى.
أفاد عدد من العمال وشهود عيان أن مطلع عام 2015، شهد قدوم عائلات يهودية كثيرة إلى كافة البؤر والمستوطنات في محافظة سلفيت. مشيرين الى أن المستوطنين يقولون بصراحة إنهم يفضلون المستوطنات المقامة على أراضي محافظة سلفيت للسكن فيها لعوامل عديدة، منها: قربها من "تل أبيب"، ورخص الاستيطان والشقق، والحماية الأمنية المحكمة، وسهولة الطرق، والدعم الكبير الذي تقدمه لهم حكومة الاحتلال.
من الأسباب التي تفسر الزيادة الكبيرة في عدد المستوطنين في محافظة سلفيت: تصريحات نتنياهو بأنها "شرفة تل ابيب"، وتصريحات ليبرمان الأخيرة بأن "الشريط الاستيطاني من مستوطنة (اريئيل) وحتى مستوطنة (روش هعاين) سيتم ضمه لإسرائيل في الحل النهائي؛ بالإضافة إلى الامتيازات التي تغري المستوطنين في "أريئيل"، خاصة أن فيها جامعة "أريئيل" التي يقدر عدد طلابها بـ 20 ألفًا في العام 2014؛ لهذا نرى أن هذه المستوطنة تشهد حالة نمو سكاني متسارع متزامن مع أعمال التجريف التي تجري على أراضي أهالي البلدات والقرى، وبناء العمارات السكنية الضخمة
المشاريع الاستيطانية في محافظة سلفيت
تمحورت مشاريع الاستيطان في محافظة سلفيت من خلال مجموعة من المحاور والخطوط، تخدم الهدف الاستراتيجي، لدى مخططي ومنظري الاستيطان، وهو تقطيع أوصال المحيط الفلسطيني، وبعثرة التجمعات السكانية الفلسطينية، ومنع أي تطور في البناء الفلسطيني في المنطقة، ومنع تواصلها الجغرافي وتطورها البنيوي وامتداد مخططها الهيكلي، وتقطع أوصال الضفة الغربية إلى أجزاء وفصلها عن بعضها البعض، ولهذا الهدف قام الاحتلال ببناء عدة محاور استيطانية وجيوب عازلة لتفصل المدن الفلسطينية عن بعضها، وتقطيع الاتصال الريفي والاندماج الهيكلي في البناء الفلسطيني من خلال انشاء مجموعة من الخطوط والمحاور والتكتلات الاستيطانية .
لقد شكلت التجمعات العمرانية الفلسطينية اختراقا للموانع الإسرائيلية، والمحاولات الاستيطانية التي كان من أهم أهدافها، منع قيام مثل هذه التجمعات، ومنع أي تطور في البناء الفلسطيني في المنطقة .