قواعد السلوك الأمني ... اعداد عميد / منذر المحتسب
2019-12-09
قواعد السلوك الأمني |
دراسة تعبوية
إعداد عميد / منذر المحتسب
السلوك الأمني:
تقديم
هناك إجماعٍ بعدم قبول السلوك الفردي أو المزاجي (السلبي) في مقاييس السلوك والأخلاق العامة والقوانين والأعراف والعادات والتقاليد لأن السلوك الفردي غالبا ما يكون سلبيا، بالنظر إلى أن حرية الفرد تلتقي مع حرية الآخرين ، ولكن السلوك الإنساني بشكل عام هو رهن بأفكار وأنماط سائدة لدى الفرد ومجتمعه مع اختلاف الثقافات والأنماط الاجتماعية السائدة، حيث تتشكل علاقة جدلية بين الفرد ومن حوله من أسرة وأصدقاء وعشيرة ومؤسسات ليتبادل معها دوراً تشاركيا، والطبيعي والحالة تلك أن تستمر العلاقات المتبادلة بالتطور الى الأفضل وتسودها القيم الفاضلة وتتلاشى فيها العيوب والانحرافات .
يأتي هنا مصطلح السلوك الأمني الذي استدعت حالة التأهيل والتطوير الى إبرازه بهذا الشكل حتى يتم إدراجه كمفهوم واعتماده كنظرية علمية ثابتة ضمن مجموعة النظريات التي تتناول موضوع السلوك الإنساني ، فيتكامل السلوك الأمني مع عناصر السلوك البشري بمخرجاته العقلية والجسدية والانفعالية، حتى يعطى الأهمية التي يستحق بإبرازه كقيمة علمية ملموسة لدى الفئة المستهدفة كموارد بشرية تستوجب هذه الدراسة تطويرها.
وإذ يصدر عن فئات البشر أفعال وإنفعالات وردود أفعال مختلفة ومتفاوتة بين الإيجابي والسلبي فقد تم افتراض فرضية أن السلوك قائم وله أشكال منها الغريزية والانفعالية وأحد أشكالها الأمني وهو المتناول بمادة الدراسة ، حتى تم تمييز السلوك بالأمني لأن المجموعات البشرية عامة والمؤسسة الأمنية ضمن هذه المجموعات تسلك - بطبيعة فطرية– سلوكا نمطيا تعبيري أو مبطن قد يختلف شكله في البيت عنه في المدرسة أو النادي، السوق، الجامعة، أو غيرها.
السلوك الأمني هو فعل محدد وموجه نحو هدف ما بطريقة نمطية، ويشمل المجتمع بأفراده مجتمعين ومنفردين فالسلوك الظاهري لأي شخص، مواطن (مدني) شرطي أو ضابط هو:-
لا يتبلور دون السلوك الفطري الفردي للمواطن بمعنى أنه حاجة فطرية.
- كلا الطرفين مندمجين في المجتمع.
- حاجات ورغبات وتطلعات كل من رجل الأمن والمواطن تُكَملُ بعضها البعض لأن حفاظ المواطن على أمنه وأمن بيته هو نمط سلوكي مرتجل تحفزه بواطن نفسه في الشعور بالأمان والراحة والاستقرار.
- وهذا السلوك المرتجل يندمج بباطنه وظاهره بحركات ونشاطات يومية تصب في الاستقرار النفسي للفرد.
- الحفاظ على جهد منظومة العمل الأمنية يساهم في فرض الأمن والنظام مع أفراد المؤسسة الأمنية.
إن السلوك الأخلاقي (المجتمعي) يتلاقى مع السلوك الأمني (الرسمي) في حالتنا الخاصة والمميزة التي تجمع بين أخلاق الفرد وبين ضوابط النظام والقانون، بل انه لفضل عظيمٌ لله أولاً وللأخلاق التي تربى عليها أبناء المؤسسة الأمنية ثانياً سواءً في أجنحة الثورة الفلسطينية العملاقة أو مما تشربه هؤلاء من أخلاق مجتمعنا الفاضلة السائدة ماضياً وحاضراً.
انعكاسات السلوك
ما يستدعي التطرق الى هذا التقديم هو التذكير الى:
- أن السلوك هو تعبير عن الشخص ولسان حاله وتعبير أفكاره.
- فالأمثل أن يكون صانع السلوك متزناً وعقلانياً في فعله ورد فعله.
- مؤثراً على نحوٍ إيجابي فيما حوله ومن حوله تماما كوردة لا تنتج إلا رائحة عطرة وشكلاً رائعاً.
- السلوك الفردي الايجابي يبلور بايجابيته نموذج يحتذى به وحالة تبني ودعم.
- حالة ضبط ذاتي بين الأفراد ، ولذلك يتطلب التأكيد عليه مراراً وتكراراً بكل الأحوال والوسائل بمعنى آخر يصبح هو القاعدة والأساس وما دونه شاذ.
- كما إن السلوك المنضبط للعاملين في المؤسسة الأمنية هو ذاته السلوك الأمني وهو الذي يفرض لضابط الأمن هيبةً شخصية ليصبح ناصحاً أميناً بالقانون وبالانضباط الأخلاقي أمام أي فئة من فئات الجمهور.
- تعامل ضابط الأمن أو الشرطي يتطلب منه سلوكاً متزنا منضبطا يسمح له بتطبيق القانون ويجعل المتلقي
( المواطن) يمتثل له بقناعة، وذلك حتماً يعود للمستوى الأخلاقي والحازم بالثواب والعقاب، والذيْن يجب أن يتحلى بهما كممثل للدولة والقانون.
- هناك حاجة مستمرة لتطوير قدرات وخبرات الضباط المتميزين بما يساعد في جودة أداءهم.
إن المبادئ السابقة الذكر يتوجب أن:
- تكون حاضرة في ذات الضابط والشرطي وفي ممارساته اليومية.
- فكيف به وهو في مركز وظيفي له حساسية مهنية سواءً أمنية أو اجتماعية تحت طائلة أمانة حفظ سرية المعلومات في مؤسسته الأمنية التي تتعامل بقضايا الوطن والمواطنين.
- ولذلك يتوجب إدراج هذه المسلمات على شكل برنامج تطبيق ذاتي في التفاعل مع الآخرين من قبل الفئة العاملة لدى الدوائر سالفة الذكر.
في المستويين الميداني والعملياتي التاليين تشكل منهج للسلوك الأمني يستدعي التقيد به بالشكل التالي:
على المستوى الميداني:
متطلبات صوابية العمل الأمني:
- الالتزام بتوجهات وتعليمات القيادات الأعلى السياسية والعسكرية أمام الجمهور أو في مكان .
- إبداء الشخصية المتزنة والمميزة.
- الفطنة وسرعة البديهة بالتصرف المناسب.
- الذكاء والمعرفة بأوسع ثقافة ممكنة في التاريخ والعلوم واللغة والاتصال التكنولوجي وغيره في كل ما أمكن.
- الثبات في المواقف الموجبة لذلك.
- لا ينبغي التعود على الصراحة التامة أو الإفراط فيها.
- احرص عند الأصدقاء أو الأقارب بالأخص عند الحديث عن العمل .
- زوجتك هي كاتم أسرارك البيتية وليست الوظيفية.
- الاستماع الجيد لمحدثك.
- التواضع ضرورة لا بد منه، عكسه التباهي لا طائل منه.
- عدم إثارة الانتباه حالة يفترض التعامل بها دوما.
- لدى حصول أي مفاجأة يجب الحفاظ على الهدوء وعدم التهور أو الانجرار وراء أي سلوك طارئ وأخذ الاحتياط وإبلاغ مقر العمليات.
- البعد عن الارتجال والتصرف بتخطيط ، بهذا الصدد يجب تجنب المغامرات الغير محسوبة.
- الكياسة والهدوء.
- تحمل الشدائد ،استيعاب الجمهور.
- التخلق بأخلاق الوسط الاجتماعي.
- إن شاءت ظروفٍ ما بأن استعرت أي شيء من أحدهم يجب إعادته كما كان بل وأفضل مما كان .
- المحافظة على كل أشكال وعادات وتقاليد الوسط الذي يعمل فيه.
- الحفاظ على العهدة الوظيفية بكل أنواعها مثل المركبة وكيفية سياقتها في الطرق.
- إيقاف المركبة الرسمية بشكل قانوني في الطرق أو الأرصفة أو أمام أي تجمعات سواء ثابتة أو لحظية.
- تأمين السلاح وعدم حمله بشكل يثير الانتباه أو الذعر، وعدم التباهي به.
- الرفق بمن يحتاج المساعدة من الناس .
- اللياقة الصحية والبدنية.
- على الضابط أو الشرطي ألا ينسى أنه محط أنظار الآخرين.
- التثقف بكل ما يمكنك الاطلاع عليه من مكتوبات هادفة وإعلامية بما يعزز شخصية المنتسب الامني.
- على ضابط الشرطة أو الأمن تمتين علاقته مع زملاءه في المؤسسة الأمنية بفروعها المختلفة.
- التفاؤل والابتسام في وجوه الناس دون إفراط.
- من المهم أن يتمتع الشرطي أو رجل الأمن باللباقة في اللسان.
- تقديم النصيحة متى تطلب الأمر أو إن اضطر لذلك بشرط عدم تحريفها أو استغلالها سلبياً.
- لا يجوز تقديم وعود لا يمكن تحقيقها.
- تجنب عادة القول بدون فعل والتعامل بالوعود دون تحقيقها.
- البعد عن التكلف وتقليد الآخرين في السلوك أو المظهر مما يضعف مكانتك وهيبتك أمام الآخرين.
- تجنب ترك الهاتف النقال بعيداً عنك واستعماله بشكل مناسب ولا ترفع صوتك بشكل يثير الانتباه.
- حافظ على استخدامك لجهاز الحاسوب المحمول إن وجد.
- دقق فعلك قبل التصرف ادرسه فيما يمكن أن ينتج عنه من ردود أفعال.
تشكل هذه القواعد السلوكية نماذج مثلى تستوجب التمسك بها في كل زمان ومكان ليبدو حاملها حافظا لأمانة فاضلة يؤتها في كل مكان وزمان، وهي بالضرورة تتناول جزء يشابهها أشكال أخرى وان لم تذكر فالمبدأ فيها الاتزان إما بتجنب الخطأ في السلوك أو الخروج بفعل يناسب الحالة.
على المستوى المعلوماتي:
بما أن عمل ضباط المؤسسة الأمنية بأنواعها المختلفة من ضباط جمع أو ضباط اتصال أو معالجة وتحليل أو تحقيق في قضيةٍ أو مهمةٍ ما، هو عمل مشترك بين هذه السلسلة المتصلة من المختصين داخل أذرعةِ الأمن المختلفة، فإن عمل الجميع له ضوابط مشتركة وفردية تبدأ بسرية المهمة الى سرية النشاط حتى سرية ما ينتج عن أي معالجة لمعطيات وتداعيات هذه المهمة.
إن السلوك الأمني المفترض لأفراد المؤسسة الأمنية يضعهم على محك الصوابية والشفافية في عملهم بالحفاظ على كافة أنماط السلوك الايجابي الفَعّال والبَنَّاء مما يحفظ لهم هيبتهم ومكانتهم وذلك عبر مراعاة تامة لسرية وحساسية ما يقع تحت أيديهم من معلومات أمنية ذات خصوصية للعمل والدولة من جهة وللمواطن وللمجتمع من جهة أخرى خلال أداءهم في أوقات عملهم أو في غيرها.
فالعمل في هذا المجال يفرض إطارا أخلاقيا ومهنيا يتم الالتزام به والضابط يتحمل طائلة وعبء الخروج عنه، بما يحتويه من تفاصيل وإسرار أمنية مختلفة من معطيات وبيانات ومعلومات سياسية واجتماعية واقتصادية تخص أفرادا وهيئات ومؤسسات وغيرها تشكل في نهاية المطاف شأنا من شؤون الدولة وبنيان المجتمع.
- العمل بضمير حي وصادق في كل الأوقات، بما يعنيه من صدق في نقل المعلومة وكيفية ايصالها.
- سرية المهمة وطبيعتها وإبقاء ذلك حصرا على مسؤوله المباشر أو من ينوب عنه.
- تُحْصَرُ المعلومات وتحديثاتها في دائرة مغلقة فقط حسب المهمة.
- المعلومات (الأولية أو النهائية) مجرد معلومات وليست حقيقة طالما لم تثبت قانونياً.
- معايير اكتمال المعلومات متعددة يعالجها مختصون وليس مخبرين أو مندوبين.
- معاينة مكان المهمة ودراسته جغرافيا عند القيام بمهمات عملياتية ميدانية من حيث الشوارع والأبنية خاصة المنازل السكنية والمخارج والمداخل للأزقة ورسم خطة لكيفية العمل تفاديا لأي مفاجأة أو طوارئ.
- تستوجب الكثير من العمليات التستر بساتر (غطاء) لضباط التحري وضباط الحالة عند المراقبة والبحث والاتصال بأحد المصادر.
- إبلاغ مقر القيادة أولاً عند مشاهدة أي شبهة تستوجب التصرف.
- تصوير أي حدث تتطلب طبيعته ذلك بعد تلقى التعليمات، وهذا الإجراء ممكن إتمامه بمبادرة فردية شرط عدم تعرض القائم بذلك للخطر وان لا يتعارض مع حقوق وخصوصيات الناس ومع أي مهمة مفترضة.
- كتابة أي معلومة ورقياً مهمٌ بشكل عام لكن غير مناسب أحيانا وان لزم ذلك يجب إتلافها فور تفريغها.
- التسجيل الصوتي أن أمكن ذلك دون لفت الانتباه.
- كل ما تراه أو تسمعه هنا اتركه هنا ليبقى هنا ( مقر المؤسسة الأمنية ).
- وثق كل ما يحتاج التوثيق حتى تكتمل عناصر أي معلومة تصلك بالزمان والمكان.
- التحرز على ما يتطلب التحرز من أوراق عند ضبطها أو إن كانت أسلحة أو أدوات مشبوهة وتصويرها أو التأشير بمحضر ضبط رسمي عليها بالساعة والتاريخ والمحتوى كماُ ونوعاً ثم حفظها في مكان آمن.
- إتلاف الممنوعات يتم بواسطة التعليمات الإدارية وبصفة قانونية.
- كل ما تعرفه ليس ملكا لك، لا تتبرع بمعلوماتك لأيٍ كان خارج التكليف الرسمي .
- المعرفة بقدر الحاجة وليست بمقدار الثقة.
- لا يوجد ثقة مطلقة، الثقة لا تلغي الحذر.
- اعد كل ما تتعامل معه الى مكانه الصحيح.
- الأمن يعلو ولا يُعلى عليه .
- صُن لسانك تصن نفسك.
- الحذر في المواقف التي تتطلب ذلك بالأخص في المناقشات الجانبية أو الجماعية.
- المشروبات الكحولية وغيرها قد تؤثر على وعيك عدا عن تدميرها للصحة .. تجنبها .
- الحذر من المغامرة في استعمال عهدتك وخصوصا السلاح وأجهزة الاتصال.
- اتمم ما عليك فعله بدون تأجيل أو مماطلة.
مؤثرات على الأداء:
بطبيعة الحال فإن هذه التعليمات هي أول ما يجب على العاملين في المؤسسة الأمنية الإقتداء بها وعكس ذلك فالفشل هو النتيجة، وبالتالي إفساد عمليات البحث والتحري في حالة تسريب - مقصودة أو العكس- لأي أخبار أو معلومات يصل إليها الجهاز الأمني والتسريب في كلتا حالتيه - إن وقع- عبث في المعلومات قيد البحث أو التحليل وإن وقع في أوجه معينة فهو خط أحمر ولا يشكل نهجاً بقدر ما هوخطأ فردي.
وما يحصل أحيانا هو:
1- تسريب غير مقصود لما يعرفه فرد غير مهني من أفراد المؤسسة الأمنية.
2- دافعية القصد في التسريب المرفوض كليا تحكم طبيعة هذه المخالفة والتعامل معها بحزم.
3- السلوك الخاطئ هو من السلوكيات التي شاعت بين البعض كعادات سلبية كالثرثرة والتباهي بالمعرفة.
4- وقد شَكَّلَ ذلك امتداداً لما عرف بحديث المجالس عندما كان الجالسين يلهونَ بالحديث في الخير والشر دون حدود.
5- ومن هذه المجالس ما كان عادة متبعة يلجأ إليها الناس حيث كانت طريقة التسامر شائعة حينها، ولأن شعبنا اجتماعيٌ بطبعه شكلت هذه المجالس امتدادا اجتماعيا نسبيا حتى هذا الوقت بشكل أو بآخر.
6- قد يلجأ البعض الى المفاخرة أحيانا بشيء تم إنجازه يؤدي إلى نتائج سلبية.
7- لظرف ما قد ينسىالضابطأو ينشغل عما فيه من واجب نتيجة حدث طرأ وهو ما لا يجب أن يحدث خلال أمر عملياتي كالمراقبة والتفتيش يجب إتمام الأمر أولا بمنتهى الدقة وينبغي عدم الانصراف الى غير المهمة.
8- عدم التعامل بما يسيء للمكانة الريادية للضابط في جزئية الاوراق المالية (الشيكات، الكمبيالات، العقود) أو غيرها دون التأكد من قانونية هذه الأمور ومقادير الصرف الخاصة بك.
عدم التعامل بما يسيء للمكانة الريادية للضابط في جزئية الاوراق المالية (الشيكات، الكمبيالات، العقود) أو غيرها دون التأكد من قانونية هذه الأمور ومقادير الصرف الخاصة بك.
ونظرا لما يشكله التوجيه السلوكي من ضرورة تفرض قواعد السلوك الأساسية تجسيدها الذاتي أولا والموضوعي ثانيا لأجل صيانة وحفظ هيبة العمل الأمني باعتباره عاملُ وقاية وحماية للنسيج الوطني والاجتماعي، ومحاولة لضبط سلوك المضطلعين بالمعلومات وأمنها صونا لسلامة العمل الأمني من أي منزلقات قد تلحق به، وهو أهم صمام للأمن الوطني والسلم الأهلي .
إن عدم التطرق بالتفصيل اللازم للسلوك الأمني في بعض المهام والأنشطة العملياتية يرجع إلى أن وجود خصوصية ما تتجسد في تلك المهمات، وتتطلب تأهيلا أعمق وأوسع للتدريب عليها لأن فيها خطوات مموهة وسرية وتحتاجُ غطاءاً للقيام بها بنجاح، لذلك تم التطرق إلى الخطوات الأساسية في السلوك الأمني الفردي لدى حصولها.
خير الكلام ما قل ودل:
أ- تمثل قاعدة السلوك الأمني أبجدية هامة لبني البشر عامة وهي إذاك تمثل حصنا لكل المجتمع.
ب- الأضرار الناجمة عن تخطى أو تجاهل بعض ما سبق ذكره هو تدمير للشخصية الأمنية ذاتها وتخريب للعمل الأمني بكل مضامينه على شرط ألا يستهان بأدنى نقطة منها.
ج - فناشر السر هو غالبا عشوائي قد يفشي ما أفشاه بدون قصد لأنه من المحتمل أنه لم يتلقى أو لم يستوعب إن تلقى تدريبات مهنية على ضرورة حفظ السر والإحجام عن الإفادة في الحديث وصون اللسان عند خصوصيات الناس باختلاف أنواعها.
د - إن عادات تناقل الحديث والقيل والقال هي طبيعة بشرية وقد كانت في يوم من الأيام تشكل مظهرا من مظاهر التباهي وتضفي مكانة اجتماعية للمتمنطق بأنه "أبو العُريف " ، الأمر الذي ينتهي عند العمل الأمني.
ه - إن هذه العادات القديمة قد شكلت عادة عشوائية تناقلتها الأجيال وتداول بها الجميع دون استثناء لتتفشى دون حدود المنطق وتصاحبها عادات أخرى كحب الاستطلاع والتدخل المفرط في الآخرين وهي بطبيعة الحال تتعارض مع ما دأب عليه جزء هام من شعبنا وهو التنظيمات الفلسطينية في أيام خلت عندما كانت أعمالهم النضالية تتطلب السرية والكتمان وهي صمام أمانهم والتي إن تَخَلوا عنها انكشفوا للعملاء وللاحتلال واعتقلوا.
و – والقاعدة هنا أن ما يبدأ وينتهي سرياً ينجح كلياً هي قاعدة نجاح القائمين بأي عمل مهما صغر أو كبر شأنه فإن ثرثر بما يعرفه أو تباهي بأفعاله يكون بذلك قد أفسد جهدا أمنيا تقوم به مؤسسته وكوادها وقد يضيع جهدهم هباءاً .
خلاصة:
- يجدر الاستخلاص بأن الطبيعة الفطرية للسلوك الإنساني تتجسد في بحثه عن الأمن والاستقرار وبنفس الاتجاه السعي الى إبقاء ما يعرفه في سره دون إخراجه بدون حاجة ، بمعنى أن مقدار البحث عن الأمان يتوازى مع أهمية حفظ السر وكتمانه، بل إن تعزيز الأمن والأمان يمكن تمتينه بالمحافظة على سلوك حفظ المعلومات والأخبار والأنشطة وسريتها ليصبح حاجة فطرية يمكن تكريسها بسلوك أمني حتى النخاع .
- وضباط المؤسسة الأمنية وأفرادها هم معول نجاح بناء الأمن وتكريسه وهم حلقة أمن مركزية في الواقع الفلسطيني الذي أصبح كما يأتي:
- تشكلت الأجهزة والمؤسسات المختلفة وبدأت تظهر المؤسسات والقانون والسلم الاجتماعي والأهلي وغيرها وكلها تقوم على أنظمة وقوانين ولوائح لم يعهدها الكثيرون رغم فاعليتها وضرورتها لسلامة سير العمل وشفافيته.
- تقوم المؤسسة الأمنية بحماية الوطن ومؤسساته وأفراده مما يتطلب مَأسَسَة وحوكمة وتنظيم العمل بما ينسجم والتغييرات في بُنى التأسيس لتخصصات العمل الأمني الجديدة وفق الرؤى الحديثة لمفاهيم الأمن والحفاظ على سيْره خدمةً للمشروع العام .
- تتبلور الحاجة لدى المؤسسة الأمنية في السلطة الوطنية الى ترسيخ آلية مثمرة وسلسة في تفعيل ومعالجة المعلومات لإنتاج فعل يناسب نوعية ودقة وخطورة المعلومة، حيث أن المعلومة الأمنية لدى المؤسسة الأمنية بمختلف أشكالها هي خاضعة لسلطة القانون وفي تداول الضباط المختصين بها والذين يعتبرون :
- مؤتمنين عليها وعلى سريتها.
- يحققون فيها ويعملون على التأكد من سلامة ودقة المصدر.
- يعملون على تفكيكها وتحليلها حسب سير الأمور ومقتضيات التفسير الأمني المنطقي للظواهر السلوكية خدمة للنتيجة سلباً أو إيجاباً.
- يهتمون بالتنبه لخطورة أي فعل أو رد فعل قد يرد فيها.
- يهتمون بالتقيد بالامانه المهنية والعلمية في تحليلها.
- تقدير إن كانت المعلومة ناقصة أو مكتملة وفق المعايير المقرة أمنيا وقانونيا.
- أهمية كتمان ما تم معرفته من تفاصيل في أي قضية قبل إغلاقها تتساوى معه بعد الانتهاء منها.
- العمل على تبادل الأفكار فقط مع خلية الأزمة أو مجموعة العمل .
بتلك الأسس تسير آلية العمل الأمني بنجاح وسلاسة وتسير روحية العمل دون أي إشكاليات ويصل القائمون على العمل إلى حقيقة ما يرد إليهم دون أي مؤثرات.
إن قواعد السلوك الأمني شاملة ومتعددة ولها أحكام صارمة، وقد يكون عرضها يحتاج عدة نشرات أو دراسات لكونها متشعبة التفاصيل ولها علاقة بقواعد هامة في مضمار السلوك الأمني ومهنيته وقانونيته، ولكن يجدر القول أن أهم مستويين في صون العمل الأمني من أي انحراف هو السلوك الواجب إظهاره أمام الجمهور وحث الجميع على التقيد به وكذلك المستوى العملياتي، ففي ذلك بعد عن الارتجال ودقةً في تفسير وتحليل الأمور والمعطيات.
كما إن بعض ما ورد أعلاه في أحد التقسيمين ألعملياتي والميداني لا يعني فصلهما كلياً بالمعني الفعلي لأن مبدأ صيانة السر والحذر والحفاظ على اللباقة وسرعة البديهة مثلاً يجتمعان في كلتا الحالتين وفي غيرهما.
ولعل سرد ما دأب عليه شعبنا من عادات شملت المجتمع بأسره ليس تقريعا وإنما هو تفسير لظواهر فردية امتدت لدى البعض، واستهان بعض آخر بأهمية خير الكلام ما قل ودل، وتناسى أن الإمعان بالثقة العمياء تعتبر أكبر خطر على الإنسان بصورة عامة وعلى الضابط والمنتسب الأمني بصورة خاصة.
أرجو أن تكون هذه الدراسة التعبوية قد أعطت زخماً علميا لما تعلمناه وما تكرس لدينا من خبرات نتحمل أمانة نقلها الى جميع الأخوة بأمانة علمية مهنية تؤدي الى تفعيل وإثراء ما يعرض من نشرات ودراسات سابقة ولاحقة والله الموفق.