أثر العقيدة في سلوك الجندي
2019-01-14أثر العقيدة في سلوك الجندي
الحمد لله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فتفرد سبحانه وتعالى بالقدرة والقوه ,فكان الامن مرتبط بالإيمان حيث قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ فمن كمل ايمانه وصحت عقيدته اراح الله قلبه ووجدانه .
العقيدة في اللغة: من الفعل عقد، ومن معانيه الجمع بين الأطراف، والحبس..، ويستعمل في التصميم والاعتقاد الجازم.
والعقيدة هي: ما عقد عليه القلب والضمير، وما تديَّن به الإنسان واعتقده.
والعقيدة الإسلامية هي المفاهيم الثابتة التي يُطلب الإيمان بها أولا وقبل كل شيء، إيمانًا لا يرقى إليه شك، ولا تؤثر فيه شبهة، وهي الركن الأساس الذي بدأ الإسلام به في تكوين شخصية المسلم، ومن طبيعتها تضافر النصوص الواضحة على تقريرها، وهي التي يجب أن تجتمع كلمة المسلمين عليها من يوم ابتدأت الدعوة الإسلامية.
ويقول السعدي - يرحمه الله -: الذين لم يخلطوا إيمانهم بالمعاصي، والذنوب، لهم الأمن من المخاوفِ، والعذاب، والشقاء، والهداية إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة، وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها، ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال، والشقاء.
فأيما مسلم صحت عقيدته صح سلوكه لان صلاح العقيدة لا يكون الا بصلاح النيات والاعمال معا , من هنا تبرز أهمية العقيدة في حياة رجل الامن كي يستقيم سلوكه دون الحاجه الى الرقابة الدائمة عليه فهو لا يكذب لان الله امره بذلك وهو رقيب عليه فقبل ان يكذب يستحضر عقاب الله عز وجل له وكذلك لا يرتكب باقي المحرمات وذلك لخوفه من الله عز وجل .
فرجل الامن يجب ان يتحلى بالشجاعة فعندما يعلم ان الاعمار بيد الله لا يخاف من الموت فيقدم بشجاعة لا مثيل لها ويتمثل هذا الموقف في الحديث المشهور: " عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً، فقال يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف .
وكذلك الجندي أيضا لا يخاف على قوت عياله لان الرزق بيد الله وانها اقدار فترتاح نفسه فقال تعالى: )وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾[ وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾. هذا دليل واضح من القران الكريم على عدم الخوف على الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تستبطئوا الرزق، فإنـه لن يموت العبد حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، و ترك الحرام ".
ان الخوف من الله عز وجل هو اكبر رادع للجندي المسلم الذى يعلم ان مراقبة الله له هو الأهم في حياته الذي ينعكس على سلوكه فيما بعد فعن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم، قال: بينما أنا مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يُعس المدينة إذ أعيا، واتكأ على جانب جدار في جوف الليل، وإذا امرأة تقول لابنتها: يا ابنتاه قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء، فقالت لها: يا أمتاه، وما علمت ما كان من عزم أمير المؤمنين اليوم، قالت: وما كان من عزمه يابنية؟ قالت: إنه أمر منادياً فنادى ألا يشاب اللبن بالماء، فقالت لها: يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك بموضع لا يراك عمر، ولا منادي عمر، فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، وعمر يسمع كل ذلك، فقال يا أسلم: عَلِّمْ الباب، واعرف الموضع، ثم مضى في عسسه حتى أصبح، فلما أصبح، قال يا أسلم: امض إلى الموضع فانظر من القائلة؟ ومن المقول لها؟ وهل لهم من بعل؟ فأتيت الموضع، فنظرت فإذا الجارية أيم لا بعل لها، وإذا تيك أمها وإذ ليس لهم رجل، فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته، فدعا عمر ولده، فجمعهم، فقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه المرأة، فقال عبد الله: لي زوجة، وقال عبد الرحمن: لي زوجة، وقال عاصم: يا أبتاه لا زوجة لي، فزوجني، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتاً، وولدت البنت بنتاً، وولدت الابنة عمر بن عبد العزيز.
كما أن قوة عقيدة الجندي تحفظه من جعل ولائه لغير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، طاعة لله تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ .
وأيضا العقيدة تغرس في الجندي الطاعة لولي الامر لأنها من طاعه الله والرسول قال تعالى ﴿ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، قال: ((إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان))
وختاما أقول والله إن نحن التزمنا بما جاء في قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم واحترمنا القوانين نبذنا المشاحنات والمخالفات، فلا شجار ولا تعدٍّ على الحقوق، ولا سرقة أو انتهاك، الكل يعمل بإخلاص واستقامة وأمانة، والقانون يسود الجميع.
تحيّة تقدير وإكبار لرجال الأمن الذين يسهرون على أمن المجتمع، فتنام أعين المستقيمين بأمان، وينعم الجميع بالسكينة والاطمئنان.
أسال الله أن يحفظهم من كلّ ماكر لئيم ويوفقهم في عملهم ويرعاهم حيث ما كانوا ويجازيهم خير الجزاء.
كما أسأل الله العلي القدير أن ينعم على فلسطين وبلاد المسلمين الأمن والأمان والاستقرار. آمــــــــــــــــــــن.
مفوض الارشاد الديني
مقدم | شكري خاط