التضحية من أجل الوطن في الإسلام
2019-10-09بسم الله الرحمن الرحيم
التضحية من أجل الوطن في الإسلام
طالما سمعنا هذه التعريفات وكثيراً ما وقفنا صامتين أمامها إما لأننا ذهلنا أمام صمود أبطالها الذين قاموا بها، أولأننا حاولنا وتحلينا بالصبر وبذلنا قصارى جهدنا لكننا عجزنا أن نكون مثلهم.
ومعنى تضحية في (معجم المعاني الجامع)، التَّضْحِيَةُ بِالنَّفْسِ: بَذْلُهَا فِي سَبِيلِ قَضِيَّةٍ أو فِكْرَةٍ أو مِنْ أجل الآخرين من دُونَ مُقَابِلٍ، كَمَا تَكُونُ التَّضْحِيَةُ بِالْمَالِ أوالعَمَلِ أوالْمَصْلَحَةِ.
يظن البعض أن التضحية من أجل الوطن غالباً ما تكون بالنفس فقط وداخل حدود الوطن تحديداً من خلال الدفاع عنه أمام المخاطر الأمنية والعسكرية المعتدية ولا أحد ينكر أن التضحية بالنفس أسمى أنواع التضحيات على الإطلاق، ولكن الوطن اليوم بحاجة ماسة أيضاً لتضحيات من نوع أخر وعلى كافة المستويات والأصعدة ومن جميع أبنائه دون استثناء أكانت التضحيات داخلية أم خارجية، الجندي يضحي بنفسه الغالية أكان ذلك داخل أم خارج وطنه وهذا شرف كبير له وللوطن الذي ينتمي إليه وكذلك الطبيب والمهندس و المعلم والداعية وغيرهم كلاٌ في مجاله يضحي بأمانة وبصدق و بتفاني من أجل عزة و رفعة شعبه ووطنه .
اعتقد أن انتمائنا لوطن معين يفرض علينا واجبات كثيرة؛ الانتماء ليس فقط لتحديد جنسية في خانة الجنسية لتكملة شهادة الميلاد أو البطاقة ، اعتقد أن كلمة انتماء لها معاني عميقة ، وهي تعنى الكثير، اعتقد أنها تعنى الإحساس بحب الوطن والرغبة في الدفاع عنه و التباهي بالانتماء إليه مهما حدث، التضحية من أجله، الانتماء للوطن هي أن نربى أبنائنا على حب الوطن، على معنى كلمة الوطن.
الانتماء للوطن، هو التعرف على تاريخه، على حضارته والمساهمة في بناء مستقبله لكي ينعم ابنائنا بعيش كريم داخل وطنهم .
حب الوطن من الإيمان :
يعد مفهوم الانتماء الوطني من المفاهيم العالمية المهمة في عالمنا المعاصر الذي أصبح من المفاهيم المتكررة في وسائل إعلامنا وفي محاضراتنا وندواتنا بل أصبح مفهومًا رئيسًا في حياتنا العامة، فموطن الإنسان منا أحب إليه من نفسه وولده وأغلي عنده من ماله وكل ما يملك لذلك عد رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يموت في سبيل الدفاع عن أرضه من الشهداء وقرنه مع الدفاع عن النفس والمال والعرض والأهل .. ":من قتل دون أرضه فهو شهيد" ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجراً من مكة إلى المدينة كما روي عنه : وقف علي الحزورة (سوق) ونظر إلى البيت وقال: والله انك لأحب أرض الله إلي وانك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك "(الترمذي والنسائي ) . ورغم فساد أهلها وظلمهم له ومحاربتهم لدعوته ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يعطينا درساً في الانتماء الحقيقي فيقول في رواية أخري :" ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك - قاله لمكة . (صحيح).
وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر إبراهيم.(خاتم النبيين2/5) .
والرسول صلي الله عليه وسلم كان حين يذكر أحد الصحابة مكة أمامه تذرف عيناه بالدمع ويقول له :"دع القلوب تقر"ولا عجب فحب الوطن من الإيمان وقديما قال الحكماء :"الحنين من رقة القلب ورقة القلب من الرعاية والرعاية من الرحمة والرحمة من كرم الفطرة وكرم الفطرة من طهارة الرشدة (أي صحة النسب) وطهارة الرشدة من كرم المحتد (أي الأصل ) وقال أخر :"ميلك إلى مولدك من كرم محتدك " وقال بعض الفلاسفة :"فطرة الرجل معجون بحب الوطن" ولذا قال أبقراط :يداوي كل عليل بعقاقير أرضه فإن الطبيعة تتطلع لهوائها وتنزع إلى غذائها. وقالت الهند:حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك لأن غذائك منها وأنت جنين وغذاءهما منه" وقال أخر:من إمارات العاقل بره لإخوانه وحنينه لأوطانه ومداراته لأهل زمانه.وكانت العرب اذاغزت وسافرت حملت معها من تربة بلادها رملا وعفرا(ترابا) تستنشقه عند نزلة أوزكام أو صداع"(الحنين إلى الأوطان). لذلك كانت السيدة عائشة رضي الله عنها دائماً تقول :"مارأيت القمر أبهي ولا أجمل مما رأيته في مكة"وذلك كناية علي حبها وعشقها وشدة حنينها للوطن.
ومما لا شك فيه أن حب الوطن هو الأسمى والأعزّ لما يحمله من معاني كبيرة وشعور بالانتماء فقد تربينا وتعلمنا أن الوطن هو الكرامة والعدل، وحبه واحترامه والولاء له هو الدافع لنا للدفاع عنه، والإخلاص والتفوق من أجله.
ومن معاني التضحية أيضاً التفاني من أجل الوطن :
حب الوطن والتضحية من أجله هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه لأنه أثمن ما في وجودنا وانتمائنا، فالوطن هو التاريخ والحضارة والتراث، وهو الذي سكن جسدنا وروحنا وذاكرتنا، ومن أجله وخاصة في هذه الفترة العصيبة نحتاج إلى العمل من دون مقابل، لأن الوطن فوق كل شيء. سيبقى الوطن فوق كل الطموحات الضيقة، أو الأغراض الشخصية.
فنحن كشعب فلسطين خاصه قد انعم الله علينا اذ جعلنا نحرس هذه الارض المقدسه والمباركه ونعيش فيها مدافعين عن ثراها وقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأننا في رباط الى يوم الدين ونزلت الايات الكريمه من الله عز وجل في سورة الاسراء التي اظهرت ارتباط المسجد الاقصى بالمسجد الحرام وقدسيتهما ثابت في القران والسنه حتى لو خرج علينا ابواق اعلاميه مأجوره تشكك في ذلك.
ويعد الحفاظ على الأمن جزءًا مهما من الانتماء الوطني للفرد والمجتمع حيث إن المواطن يعيش على أرض هذا الوطن ويعمل على الحفاظ على أمن الوطن الفكري والأمني والاجتماعي والاقتصادي.
والحمد لله رب العالمين
مفوض الارشاد الديني
مقدم/ شكري خاطر