مسيرة من العطاء لدائرة حماية الأسرة والأحداث في شرطة محافظة رام الله والبيرة
2019-12-09التوجيه السياسي والوطني / مفوضية رام الله / رامي غنام
إنّ الأسرة هي أحد أهم المقومات الأساسية في المجتمع، ولهذا قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بمجموعة من الإجراءات لحماية الأسرة وحماية الأحداث والتي ينتج عنهما حماية المجتمع بأكمله، وتعتبر دائرة حماية الأسرة والأحداث احدى الدوائر المهمة في شرطة محافظة رام الله والبيرة كونها أحد الطرق في الضفة الغربية لحماية النّساء المُعنّفات في المجتمع وأحد الطرق لحماية الأطفال؛ ضحايا أوساط الأحداث والجنوحات بسبب ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني.
لتسليط الضوء على مسيرة العطاء لهذه الدائرة؛ التقى التوجيه السياسي والوطني بمدير دائرة حماية الأسرة والأحداث في شرطة رام الله والبيرة المقدم/ باسل خريوش للتعرف على عمل هذه الدائرة وأهدافها وإنجازاتها والخدمات التي تقدمها.
الدائرة مطلب ضروري لحماية الأسرة
بين المقدم / خريوش أنّ الشرطة الفلسطينية عملت على مواكبة المتغيرات وطورت من قدراتها، ولتحقيق هذا الغرض تمّ استحداث دائرة حماية الأسرة في العام 2008 بعد ملاحظة الزيادة في عدد قضايا الاعتداءات داخل الأسرة بكافة أنواعها، وجاء استحداثها أيضاً تجاوباً مع الطلب المتزايد من قبل المجتمع بضرورة وجود جهة رسمية شرطية متخصصة في هذا المجال لمعالجة القضايا والحالات المتعلقة بها، فأصبحت هناك دائرة مستقلة تُعنى بحماية الأسرة والأحداث في كل الوطن بحيث كل دائرة تتبع شرطة محافظة من محافظات الوطن ومنها شرطة محافظة رام الله والبيرة، من أجل التعامل مع الضحايا من النّساء المعنفات والأطفال دون الثامنة عشرة من أعمارهم وحمايتهم وتفعيل التحقيقات الملائمة في مثل هذه الحالات ومعالجتها من العنف وزيادة الوعي والمعرفة لدى جميع فئات المجتمع.
أكّدَ المقدم/ خريويش على أنّ الفترة التي سبقت تأسيس هذه الدائرة كانت تُحوّل مثل هذه الحالات إلى قسم التحقيق الجنائي التابع لشرطة المحافظة، وفي عام 2009 تم استحداث دائرة شرطة الأحداث لتقديم الخدمات الكاملة والتعامل مع الأطفال من كلا الجنسين الذين هم في خلاف مع القانون والمعرّضون للانحراف على اختلاف أنواعه، وتم إعداد وتأهيل كادر متخصص من حملة الشهادات العلمية في العلوم الإنسانية؛ وفق برنامج تدريبي متكامل للتعامل مع هذه الفئة العمرية، وفي العام 2011م تم تعميم التجربة في باقي محافظات الوطن؛ مع العلم أنّه كانت دائرة الأسرة مستقلة في عملها عن دائرة حماية الأحداث ليتم دمج الدائرتين في العام 2014م تحت مسمى واحد وهو " دائرة حماية الأسرة وحماية الأحداث "، وتتبع شرطة محافظة رام الله والبيرة.
الرسالة والأهداف...
واشار مدير دائرة حماية حماية الأسرة والأحداث الى ان أهداف إنشاء وتأسيس الدائرة والتي تتمثل في إيجاد أسرة خالية من العنف ضمن مجتمع سليم ولكيفية تعامل الأهل مع أبنائهم في حل الخلافات والمشاكل وكيفية مواجهتها بالطرق الصحيحة، كذلك تكوين ثقافة التوعية الأمنية بين الشرطة وجمهور المواطنين وتكريسها لحفظ سلامتهم، وتدريب المواطنين على التمسك بالنظام بوجه عام في مختلف نواحي حياتهم وتوثيق العلاقة بين المواطن والشرطة ولنشر الوعي في عدد من المجالات الشرطية وذلك من خلال رفع مستوى التوعية بأشكالها حتى لا يُصبح المجتمع بأبنائه وبناته ضحيةً للمظاهر السلبية،
وتشجيع الاهتمام المستمر بحقوق المرأة وحمايتها في الأسرة وفي أي مكان آخر، لينعكس بذلك ضمان حماية النّساء الضحايا والناجيات من العنف وتعزيز وصولهن للعدالة ومحاسبة الجناة، والحفاظ على النّسيج الاجتماعي والترابط الأسري.
ضحايا العنف الأسري والأحداث وأشكاله
اشار مدير الدائرة أنّ ضحايا العنف والأحداث الأطفال يمكن أن يكونوا أحد أفراد الأسرة الذين يعيشون تحت سقف واحد وخصوصاً النّساء والأطفال، وكذلك الطفل والطفلة من غير الأقارب الذين ترعاهم أسرة معينة، بالإضافة إلى الأزواج السّابقون أو البالغون ومن هم دون سنّ الثامنة عشر من الأطفال الأحداث.
وأضاف أن أشكال العنف الأسري والتي تكون في بعض الأحيان بدنية تنتج عنها إصابات جسدية، والعنف الواقع في إطار الزواج وخارجه، وكذلك العنف النّفسي الذي يتعلّق بتهديد أو إيذاء المعنّف أو المعنّفة.
ونوه إلى سلامة الإجراءات في عمل الدائرة تم اتباعها من أجل حماية الأسرة والأحداث وحماية منتسبي الشرطة في آنٍ واحد عند التدخل في جرائم العنف الذي يرتكبه أحد أفراد الأسرة ضد فرد آخر من الأسرة وهو ما يسمى (بالعنف الأسري ضد النّساء والأطفال)، والعنف الجنسي داخل وخارج الأسرة، وقضايا محاولة الانتحار من قبل أفراد الأسرة المعرّضين للخطر وخاصةً النّساء والأطفال، وأنّ هذه الدائرة تتعامل مع المرأة في كافة الحالات سواء كانت في نزاع مع القانون أو شاهد أو ضحية.
ضباط على كفاءة عالية
نوه خريوش أنه يدير هذه الدائرة ضباط أكفاء تلقوا تدريباً متخصصاً ويتمتعون بكفاءة عالية، بحيث يلتزم جهاز الشرطة بشكل عام بالعمل على تعزيز الأمن والخدمات لجميع أفراد المجتمع على اختلاف أنواعها من مكافحة العنف العائلي وتقديم خدمات الحماية والاستجابة لاحتياجات وحقوق ومتطلبات الضحايا في هذا المجال.
وذكر المقدم بأن عمل هذه الدائرة يمتاز بالخصوصية لكافة القضايا الواردة لها منذ اللحظة الأولى وخصوصاً عندما تستقبل الدائرة قضايا حسّاسة في العمق وما يتعلّق بممارسة العنف ضد النساء والأطفال سواء كان ممارسة العنف الجسدي أو الجنسي.
مركز موحد في شرطة رام والله والبيرة
وفي هذا السّياق قال المقدم / خريوش بأنّ إدارة حماية الأسرة والأحداث في شرطة محافظة رام الله والبيرة هي الوحيدة التي تمتاز(بالمركز الموّحد) لسلامة إجراءات العمل الموحّدة مع المؤسسات الشريكة من دون كل محافظات الوطن؛ ولتحقيق هذا الغرض تم تجهيز عدّة غرف لكامل الاختصاصات في إدارة حماية الأسرة والأحداث لشرطة رام الله والبيرة بحيث يتم تقديم الخدمة للمعنّفين في مكانٍ واحد حفاظاً على سرّية القضايا المتعلقة بهم، وتخصيص غرفة فيها كامل المستلزمات الطبية ويتم استدعاء الطبيب المختص ضمن (المركز الموّحد) عند الضرورة والحاجة، بالإضافة إلى أنه عند طلب الإحصائيات بهذه الحالات من بعض المؤسسات ذات الاختصاص فإنّه يتم إعطاء العدد فقط من قبل الدائرة دون الإفصاح عن الأسماء حفاظاً على السرية التامة ولحساسيتها الكبيرة وحفاظاً على حقوق وكرامة المشتكي سواء كان من النساء المعنفات أو الأطفال الأحداث.
واضاف المقدم/ خريوش أنّ إجراءات العمل الموحدة مع المؤسسات الشريكة تهدف إلى إنفاذ القانون من خلال محاكمة الجناة وهذا مثلاً من اختصاص (نيابة الأسرة والأحداث)، والتي تختص بالتحقيق وملاحقة المتهمين ومتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة بحق المعتدين والذين ارتكبوا جرائم داخل نطاق الأسرة بمختلف أفرادها وملاحقة المعتدين والتحقيق معهم من خارج الأسرة أيضاً؛ حيث تُحوّل جميع الملفات مباشرة إلى النيابة التخصصية (نيابة الأسرة والأحداث) بعد أخذ الإفادة من المُعنفين، كما ويتم تحويل النّساء المعنفات إلى (البيت الآمن) لحين الانتهاء من التحقيق في القضية وبسرّية تامة تضمن كرامة من تعرّض إلى العنف داخل الأسرة أو خارجها ويتم العمل مع الحالات بدون الإفصاح عن الأسماء وإنما برموز الأحرف حتى عند تحويل الملفات إلى النيابة التخصصية.
البيت الأمن...
في السياق ذاته أشار المقدم / خريوش أن البيت الأمن موجود فقط في محافظة نابلس وأريحا وبيت لحم، أما الأطفال الأحداث فكلٌ حسب قضيته؛ فمثلاً الأطفال الأحداث الذين هم تحت سنّ (الثامنة عشر) ومُشتَكى عليهم في قضايا السرقة أو محاولة قتل أو جنح أخرى فيُحوّلون إلى مؤسسة دار الأمل للملاحظة والرعاية الاجتماعية لحين انتهاء قضيتهم، أما من تعرضوا للعنف الأسري من الأطفال الأحداث فيتم تحويلهم إلى دائرة حماية الطفولة في رام الله والتي تتبع وزارة التنمية الاجتماعية أيضاً.
كما أنه في بعض الأحيان يتم معالجة الحالات الموجودة لدى الدائرة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى بدون معرفة الأهل حفاظاً على النسيج الاجتماعي وعدم حودث التفكك الأسري، وحتى لا يترتب على ذلك نتائج سلبية من قبل أسرة الضحية، بالإضافة إلى خصوصية القضايا والتي يمكن حلّها بهذه الطريقة.
طرق التواصل مع الدائرة
وفيما يتعلق بكيفية التواصل مع دائرة الأسرة والأحداث في الشرطة بين المقدم/ باسل خريوش أن هناك برنامج على الصفحة العامة للشرطة الفلسطينية ومسماه (pal police) وهو خاص بدائرة الأسرة والأحداث، وأن هذا البرنامج وُضع لسهولة التواصل مع إدارة حماية الأسرة والأحداث لجميع الفئات العمرية المعنفة ومنها حالات ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
أسباب ممارسة العنف الأسري للنساء والأطفال الأحداث
ذكر المقدم خريوش أنّ السبب المباشر في حدوث ممارسة العنف الأسري للنساء وحالات الأطفال الأحداث هو انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة حينما يتم استخدامها بشكل سلبي وخاطئ وتعرّض الضحية للابتزاز الإلكتروني، وحالات الهروب من المنزل بسبب المشاكل العائلية وغير ذلك.
برامج إدارة حماية الأسرة والأحداث
بيّن المقدم باسل خريوش بأن إدارة حماية الأسرة والأحداث في شرطة محافظة رام الله والبيرة تقدم عدّة برامج تخدم جميع الفئات المجتمعية رغم ضغط العمل على طاقم الدائرة وبسبب نقص الكادر المتخصص في هذا المجال، وتتمثل هذه البرامج بعقد العديد من اللقاءات التوعوية وورشات العمل والإرشاد لطلبة المدارس والجامعات والمراكز النسوية والمجتمعية المتعلقة بالتوعية من الانزلاق في العلاقات المشبوهة، والتحذير من وسائل الابتزاز الإلكتروني، والطلب دائما من الأهل خلال تقديم برامج الإرشاد والتوعية بمراقبة أبنائهم والتحدُث معهم والتنبه عند ملاحظة أية مؤشرات سلبية تظهر على أبنائهم لمعالجتها أولاً بأول ولا يكون هناك أية نتائج سلبية.
قال المقدم خريوش بأنّ المعوقات التي قد تعترض عمل الدائرة هي نقص أعداد الكوادر المتخصصة، مع العلم بأنّ الدائرة تسعى لزيادة أعداد كوادرها قدر المُستطاع من ذوي الاختصاص في هذا المجال.
خطط مستقبلية لتطوير الدائرة
ذكر خريوش أنّ الدائرة تسعى دائماً لتطوير شراكات مع أصحاب العلاقة وتعزيز التشبيك والتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في هذا المجال لتوفير شبكات أمان مادية واجتماعية واقتصادية للضحايا المعنّفين سواء كانوا من النّساء أو الأطفال الأحداث، كذلك السعي لتوفير ( البيت الآمن) للمعنّفات من النّساء بحيث يكون تابعاً لدائرة حماية الأسرة والأحداث في شرطة محافظة رام الله والبيرة.
وتسعى الدائرة الى موائمة المعايير الدولية للأحداث لا سيّما العمل على إقرار قانون حماية الأسرة والأحداث الذي يضع المعايير لنظام عدالة جديد لحماية الأسرة والأحداث بالتنسيق مع المؤسسات الشريكة وذات الاختصاص، بالإضافة إلى تعميم فكرة المركز الموّحد المتعلّق بإجراءات العمل لدائرة حماية الأسرة والأحداث في جميع محافظات الوطن.