أزمة المياه في محافظة سلفيت
2017-08-01سلفيت – مفوضية التوجيه السياسي – نهى ماضي
قال تعالى : " وجعلنا من الماء كل شي حي " صدق الله العظيم.
لطالما تباهت محافظة سلفيت بقمم جبالها الخضراء ، وبالتنوع البيئي الفريد الموجود في ثنايا وديانها ، وعلى سفوح جبالها الجميلة ، فكانت منطقة "واد المطوي" غرب مدينة سلفيت مثالا وشاهدا حيا على عظمة الله وعلى التنوع البيئي الفريد هناك من أشجار ونباتات برية متنوعة ، عدا عن وفرة المياه والينابيع المائية التي تملأ المنطقة كلها.
الماء هو عصب الحياة الأول وأي نقص او انعدام لهذا العنصر الهام والخطير في حياتنا يؤدي الى كارثة حقيقية، هناك ازمة مياه خانقة تتجدد للسنة الثانية على التوالي فرضها الاحتلال الاسرائيلي المرير وبسيطرته على احواض المياه الجوفية وحرمان الشعب من التمتع بنعمة الماء، حيث ان 85% من المياه الموجودة في الخزان الجوفي مسيطر عليها من قبل الاحتلال الاسرائيلي، فالمستوطن الواحد يحصل على ثمانية أضعاف حصة الفلسطيني من الماء.
رغم وقوع سلفيت على اكبر الاحواض المائية في فلسطين ويوجد بها 99 نبع ماء الا انها تعاني من نقص شديد بالمياه بسبب سيطرة الاحتلال عليها بالكامل، مع ضخ نسبة معينة منها الى خزانات المدينة وهناك 24 مستوطنة تقبع على اراضي محافظة سلفيت وتاخذ نصيب الاسد من المياه هذا ما ادى الى انقطاع المياه في بداية شهر آب عن مدينة سلفيت بالكامل.
لإلقاء الضوء على هذا الموضوع كان لنا لقاء مع م. صالح عفانة مدير الدائرة الفنية (هندسة المياه والصرف الصحي) والذي حدثنا عن هذه الازمة وأسبابها قائلا:
دائما يحصل نقص قليل في كمية المياه في اشهر الصيف من كل عام ولا يشعر به المواطن ونستطيع السيطرة عليه، الا اننا تفاجأنا في بداية شهر تموز بانقطاع الماء عن مدينة سلفيت بالكامل دون سابق انذار وتم الكشف على الخزانات فوجدت فارغة، تواصلنا مع الارتباط الفلسطيني وسلطة المياه وتبين انه لا علم لديهم بالمشكلة وجاء الرد ان انقطاع الماء سببه اسرائيل وهذه المشكله سببت لنا ارباكا لان انقطاع الماء استمر اول مرة اكثر من عشرين ساعة بحيث عم الانقطاع جميع ارجاء المدينة وقرية فرخة وقرية خربة ام قيس اللتان يتزودان بالماء من مدينة سلفيت ، والجدير ذكره اننا نحتاج الى مئة كوب في الساعة أي 2500 كوب باليوم.
في اليوم التالي تم ضخ الماء لكن بكمية قليلة بنسبة 25 % وهذه الكمية لاتكفي الاحتياجات القليلة للمدينة مما ادى لوصول الماء الى وسط المدينة فقط.
مشيرا الى ان انقطاع الماء لم يكن عن مدينة سلفيت فقط بل ضم باقي مدن وقرى المحافظة مثل كفر الديك وبديا وقراوة بني حسان مما دفع اهالي القرى لجلب الماء من الينابيع المتواجدة في الوديان والجبال . فانقطاع المياه الحاصل في هذه الفترة يرجع الى ممارسات الاحتلال العنصرية وتحكم الجانب الاسرائيلي في منسوب المياه الواصل الى مدينة سلفيت والقرى والبلدات المجاورة لصالح المستوطنات الجاثمة على ارض هذه المحافظة.
منوها الى انه تم وضع خطة طوارئ بحيث تم تقسيم المدينة الى ثلاث مناطق ( شمالية وجنوبية ووسطى) لكي تصل المياه في كل يوم لمنطقة دون اخرى إلا ان هناك مشاكل واجهتنا بسبب عدم وجود خزانات كافية تتمثل بعدم وصول المياه للمناطق المرتفعة مما اضطرنا لقطع الماء عن جميع المناطق من اجل الوصول الى المرتفعات مثل قرية فرخة.
وباقي المناطق المرتفعة ، ايضا كان ضمن الاولويات سيارات الاطفاء لدى الدفاع المدني فكنا نعمل على ملئها في أي وقت حتى ولو على حساب المواطن.
ونوه المهندس عفانة الى ان البلدية اصدرت نشرات توضح كيفية ترشيد استهلاك المياه وتم تعميمها من خلال موقع البلدية ومن خلال المساجد والإذاعة المحلية.
ومشكلة المياه تكررت للسنة الثانية على التوالي لأننا نتعامل مع شركة " مكروت " الاسرائيلية وهي التي تضخ لنا الماء لكن اذا لم تصلنا الكمية المطلوبة من هذه الشركة ليس امامنا خيار سوى ان نتعامل مع المواطن وتقسيم الماء للمناطق حسب الكمية التي تصلنا، واذا تم قطعها بالكامل نقف حائرين دون ان نستطيع ان نعمل شيئا.
يوجد في سلفيت نبع وادي المطوي وعين السكة ولكن بعد سيطرة الاحتلال على المياه الجوفية اصبحت قليله جدا لا تتجاوز 5% من احتياج المدينة.
وأشار م. صالح عفانة في لقائه ان تفادي هذه الازمة على المدى البعيد ليس له الا حل واحد وهو حفر بئر ارتوازي يفي باحتياجات المنطقة، فمنذ عام 1967 الى هذا اليوم لم يسمح لنا بحفر بئر علما بانه تم رفع اكثر من عشرة كتب رسمية من خلال السلطة الفلسطينية لحفر بئر الا انها كانت تواجه بالرفض من قبل الاحتلال.
المناطق الفلسطينية تعاني من نقص كميات المياه
ومن جهته أوضح رئيس سلطة المياه الوزير مازن غنيم اثناء زيارته لمحافظة سلفيت بأن سلطة المياه تقوم بمتابعة حثيثة مع كافة الأطراف لمواجهة أزمة المياه على مستوى كافة المحافظات ، خاصة محافظة سلفيت كونها من المحافظات الأكثر استهدافا من حيث الاستيطان ، مؤكدا أن هذه الأزمة مفتعلة من قبل الاحتلال ، وأنها تتطلب توحيد كافة الجهود ووضع خطوات عملية على الأرض من شأنها ترشيد الاستهلاك وتأمين وصول المياه لكل مواطن.
وقال الوزير غنيم: إن كافة المناطق الفلسطينية تعاني من نقص كميات المياه، وان حصة المياه للفرد تبلغ في بعض التجمعات لا سيما في الجنوب من 17-27 لترا في اليوم ، وهو ما يعادل 10% من الحد الأدنى الذي نصت عليه منظمة الصحة العالمية.
وأضاف على الرغم من محدودية كميات المياه إلا أننا نعمل على إدارتها بشكل جيد لضمان توزيعها بعدالة إلى جانب استمرارنا في تنفيذ المشاريع المائية الطارئة من خلال الموازنة التطويرية لسلطة المياه للمساهمة في التخفيف على المواطنين وتعزيز صمودهم من خلال توفير آليات الصمود والتي على رأسها المياه.
زراعة الاراضي مكلفة بسبب نقص المياة
تحدث احد المزارعين عن ازمة المياه وتأثير انقطاعها على المزروعات في الفترة الاخيرة قائلا: اننا نعاني مشكلة انقطاع المياه ومشكلة ارتفاع اثمان المياه التي جعلت زراعة الاراضي عملية مكلفة و باهضة الثمن مما يؤدي الى صعوبة في التسويق ، وكنا نعتمد بالسابق على ما نسبته 80 % من كميات مياه الري على عين السكة وهي مياه نبع مجانية الا انها اصبحت معدومة بسبب سيطرة الاحتلال على هذا النبع ، وتقدمنا في السابق بمقترح اقامة مشروع خاص للبلدية بتجميع مياه الامطار ومن ثم بيعها للمزارع ليكون ثمن المياه الخاص بالزراعة اقل الا انه لا يوجد حتى الان قرار ينفيذ على ارض الواقع ، فالمزارع يعاني من ارتفاع ثمن المياه وشحها في الاونة الاخيرة مما ادى الى جفاف المزروعات.