تحالفات الولايات المتحدة في عهد "ترامب" وأثرها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.... اعداد عقيد/ محمود عبد الرحمن
2017-08-03إعداد – عقيد محمود عبد الرحمن – مدير التدريب وتأهيل الكادر
تقوم التحالفات السياسية على المصالح، وإن اتخذت أطر قانونية، وانعكست التحالفات الجديدة/القديمة على المنطقة، وعلى قضية فلسطين، ومشروع حل الدولتين.
مرت القضية الفلسطينية منذ انطلاقتها بمتغيرات كثيرة، فمنذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، استمرت العوامل الداخلية والخارجية والتغيرات الإقليمية والدولية بتأثيراتها الايجابية والسلبية عليها، المباشرة وغير المباشرة، وعلى مدى بقاء القضية الفلسطينية حاضرة في المحافل الرسمية والشعبية، الإقليمية والدولية، ويبدو أن الحراك الحالي في الشرق الأوسط والذي أصبح أكثر دموية، سيؤثر على الخارطة الجيوسياسية والتي ستؤثر على حضور القضية، وعلى مكاسبها، إن كانت ميدانية أو قانونية أو سياسية، وسيؤثر على اهتمامات القيادة العربية والشعب العربي، الذي انكفأ أكثر على قضاياه الداخلية.
الفصل الأول :
إطار البحث
جاءت هذه الدراسة لتحدد واقع الحالة الدولية عموما وتحالفاتها الإقليمية، فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة في المنطقة العربية بعد تكوين الإدارة الجديدة، وأثرها على القضية الفلسطينية وركائز عملها المستقبلي، وغايات الدراسة تستند على محورين: هل السياسة الأمريكية ثابتة في المنطقة العربية؟ .
المحور الثاني : هل يمكن بناءً عليه تحديد مدى ثبات تلك السياسة من البحث عن سياسات فلسطينية تبقي القضية مؤثرة ومتواجدة على الساحة الإقليمية والدولية؟ وكيف لنا التأثير على القرارات والمواقف لتكوين نواحي إيجابية على القضية ؟.
سؤال البحث
ما هي توجُّهات الإدارة الأمريكية في حكم الرئيس ترامب وتحالفاته في الشرق الأوسط وأثر ذلك على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
ويتفرع عن هذا السؤال عدة أسئلة فرعية:
1- هل السياسة الأمريكية ثابتة؟
2- هل أسس السياسة الأمريكية في تحالفاتها الدولية وبالمنطقة ثابتة؟
3- ما هي المصالح التي تسعى الولايات المتحدة لتأمينها أو السيطرة عليها؟
4- بالتالي ما هو الدور الذي قد نسعى إليه للتأثير والاستفادة منه لصالح قيام دولة فلسطينية في ظل تلك التحالفات والمصالح؟
فرضيات الدراسة
1- تتمتع السياسة الأمريكية بحالة من الثبات، لثبات المصالح.
2- أسس السياسة الأمريكية في تحالفاتها ثابتة في المنطقة.
3- يمكن تحديد مصالح الولايات المتحدة التي تسعى لتأمينها أو السيطرة عليها.
4- يمكن تحديد عناصر الاستفادة أو التأثير في المصالح والتحالفات التي تؤثر إيجابا في قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.
أهداف الدراسة
1- توضيح حالة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وارتباطها بالمصالح الثابتة .
2- أن أسس التحالفات الأمريكية ثابتة دوليا وفي المنطقة، وأن التحالفات هي المتغيرة.
3- أن معرفة مصالح الولايات المتحدة التي تسعى لتأمينها أو السيطرة عليها تمكننا من تحديد عناصر الاستفادة أو التأثير في المصالح والتحالفات التي تؤثر إيجابا في قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.
أهمية الدراسة
1- تكمن أهمية الدراسة في فهم التغيرات الجيوسياسية في المنطقة والتحالفات الناتجة عنها لسياسة الإدارة الأمريكية، ذلك الفهم سيفيد في تحديد وضع القضية الفلسطينية حاليا ومستقبلا كقضية تحرر فلسطيني وعربي وإقليمي ودولي.
2- أن الحراك الدولي الحالي في المنطقة لا ينفصل عن تاريخ الصراعات السابقة في التنافس للسيطرة عليها، وفلسطين جزء من المنطقة.
3- ذلك الفهم يحتم وضع سياسات فلسطينية قصيرة الأمد وطويلة الأمد، تُتَخذ كأسس لمواجهة حالة الضعف والتهديد، من التغيرات الحاصلة.
4- تكشف الدراسة أن التحالفات على أساس المبادئ الإنسانية لحرية الشعوب والحقوق القانونية لا تفيد بالضرورة لتحقيق الاستقلال، فلا بد من وجود تحالفات أو تفاهمات إقليمية ودولية تقوم على المصالح التي تتمتع بها المنطقة وتهم المصالح الدولية.
5- نسعى من خلال الدراسة للبحث عن عوامل قوة تساند العمل السياسي، كالإطار الأمني والاقتصادي والاجتماعي، مما يعني أن الدراسة تخص فئة كبيرة من المجتمع.
الفئة المستفيدة من البحث:
المخططون للسياسة الفلسطينية، كبار ضباط الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التخطيط الاستراتيجي، الفئات الاقتصادية والأمنية.
محددات البحث:
المكان: منطقة الشرق الأوسط، وواضعين السياسة الأمريكية من خلال تصريحاتهم والدراسات ذات الصلة.
الفترة الزمنية: التاريخ المعاصر، وفترة الإدارة الأمريكية الجديدة.
المنهج العلمي المستخدم: المنهج التاريخي والتحليلي.
مشتمل البحث: تم تقسيم البحث لأبواب رئيسية ثلاث، كما ورد بالفهرس.
المفاهيم
القطب: بمعنى جمعه، وفلانٌ قُطْبُ قوم: أي سيِّدهم، والقطبية السياسية: تركز علاقات القوة والنفوذ لدول على دول، أقل قوة في "تحليل القوى الشاملة" وقدرة الدولة القطب على بسط سياساتها على غيرها من الحلفاء.
القطبان: تتميز القطبية الثنائية بتركز علاقات القوة والنفوذ في محيط قوتين عملاقتين، وبوجود درجة عالية من الصراعات والمنافسات بينهما، ومسافات طويلة بين كل منها في المصالح.
القطبية التعددية: وجود عدة دول، أو أقطاب، لديها موارد وقدرات وإمكانات متعادلة من حيث القوة والقدرة على ممارسة النفوذ والتأثير على العلاقات الدولية في مجالاتها المختلفة العسكرية والاقتصادية والسياسية والعلمية، وبما يمكِّن كل من هذه القوى القطبية من استقطاب الدول الأضعف منها.
القوى الشاملة: مجموع الإمكانات الناتجة من (الكتلة الحيوية "الأرض والسكان" ، القدرة المعنوية ، القدرة الإقتصادية ، القدرة العسكرية ، القدرة الإجتماعية ، القدرة الدبلوماسية) ،الإرادة السياسية والقيادة.
الإستراتيجية: هي الخطة الشاملة، وتدرس طبيعة إدارة صراع ما، والتخطيط والإعداد له، أو هي أسلوب علمي نظري وعملي يبحث في مسائل إعداد خطة شاملة وفق الإمكانات الداخلية والخارجية (ومصادر الفرص والتهديد) للدولة أو المؤسسة وفق أسس السياسة العليا، واستخدامها في الصراع، وغايتها تحقيق الأهداف.
التكتيك: مجموعة الخطط الفرعية الإجرائية التي تساعد في تنفيذ الإستراتيجية، أما المعنى الإداري للتكتيك: فهو الخطط قصيرة الأجل أو المرحلية اللازمة لمواجهة ظروف طارئة أو لتحقيق أهداف مرحلية وإستراتيجية في نفس الوقت، ومن ثم فإن الخطة الإستراتيجية الأساسية تحتوي على مجموعة من الخطط التكتيكية التي تبنى لمواجهة الاحتمالات، ويحتوي التكتيك على مجموعة من الوسائل والأساليب.
الفصل الثاني: المبحث الأول: وصف سياسة الولايات المتحدة الخارجية:
1- بناء ذاتها كقطب دولي: الهياكل الثلاثة الرئيسية التي تشكل القوة وعرفها النظام الدولي فتتمثل في أحد هذه الأشكال: القطبية التعددية، والقطبية الثنائية، والقطبية الأحادية، كانت الولايات المتحدة أحد هذه الأقطاب، والتي شكلت سياستها الأولى المعلنة: النأي عن النفس، تلك السياسة لم تكن حقيقية، إذ كانت سياسة الاستعداد للهيمنة، فقامت بتكوين إمبراطورية اقتصادية وعسكرية ، حيث الحروب مع دول الجوار.
2- سياسة الانتهاز واقتناص الفرص: بعد الحربين العالمية الأولى والثانية، خرجت بعصبة الأمم، ثم بالأمم المتحدة، ووضعت شروطها على الجميع، وبدأ الحديث عن القطبين والحرب الباردة، ونشأت عدة منظمات إقليمية، محاولة لتعويض النقص في معادلة القوى الشاملة.
3- القطب الأوحد والهيمنة وسياسة التدخل المباشر:
الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة لم تبدأ بتفكك الاتحاد السوفيتي، بل إن هذه السياسة بدأت منذ ميلاد الولايات المتحدة ذاتها، وازدادت بعد انتهاء الحرب الباردة، فقد بلغ عدد حروب الولايات المتحدة وتدخلها العسكري 130 حالة، وبدأتها منذ عام 1833 ضد دول الجوار، وأغلبها إما لتأمين المحيط أو للسيطرة على الممرات والمعابر الدولية، وحروب بعد الحرب العالمية الثانية -1950م، وأخيرا أعلنت حربا على الإرهاب دون تحديد مكان أو زمان، ومكنها ذلك من زيادة نشر قواعد عسكرية عبر العالم، تحت ما أسمته بإنشاء "مجال نفوذ"، تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 750 قاعدة عسكرية في 130 دولة من دول العالم.
4- سياسة القطبية والأحلاف الداعمة:
أ- الأسلوب الموازن: لمنع أي قوة صاعدة تبنت الولايات المتحدة خيار السيطرة على البحار
والجو والفضاء، ولخلق توازنات إقليمية في جميع العالم قامت بتأليف وتأييد تحالفات إقليمية متوافقة معها، ضد أي متغير، من خلال تقديم الدعم لخصوم الدولة الصاعدة، وأيدت تحالفات معادية لأعدائها، كألمانيا في الحربين العالميتين، وبلغت مساهمة الولايات المتحدة لحلف الأطلسي 70% من ميزانيته، كما تدعم إسرائيل ضد العرب، وتدعم بعض العرب لإبعادهم عن روسيا.
ب- شبكة المصالح الإيجابية المركزية: منح القوى الأخرى (شركات ودول) منافع لاستمرار صداقتها مع الولايات المتحدة يفوق ما يمكنها الحصول عليه من قطع تلك الصداقة أو الانضمام إلى تحالف معاد، وتجلت تلك السياسة في حرب الخليج الثانية، وبدعمها للمنظمات والجمعيات الدولية ، كما الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
المبحث الثاني صناعة السياسة الأمريكية :
أولا: أسس صناعة السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية:
تقوم الحكومات في الولايات المتحدة من تنافس حزبين، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وتستند أسس السياسة الخارجية الأمريكية على مدى توافر وتحقق أهداف أربعة على مستوى الأمن القومي، تستند عليها المؤسسات كإطار لتحديد مدى نجاح السياسة الأمريكية، وهي:
1- القوة في العلاقات الدولية: كحالة الحرب والتدخل المحدود، والعمليات السرية، وتمثلها وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، والمخابرات.
2- السلام: وتعد وزارة الخارجية الأمريكية هي المحرك الرئيس لهذا الهدف وللتحالفات.
3- التنمية: يعد الدافع الاقتصادي من أهم أهداف السياسة الأمريكية، سواء لحماية تدفق البترول أو لتأمين مصالح الشركات العابرة للقارات.
4- المبادئ: وهي القيم والأفكار والمثل الرمزية للولايات المتحدة التي تدافع عنها كـالحرية
والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
ثانيا: جهات صناعة السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية:
1- الكونغرس: أعلى سلطة تشريعية ورقابية ويتكون من مجلسي الشيوخ والنواب، ، تدخل في اختصاصاته بعض المسائل التنفيذية: رسم السياسة الخارجية، المصادقة على إعلان الرئيس الحرب والمعاهدات، ومع أن الولايات المتحدة خاضت أكثر من 130 معركة وتدخل عسكري، إلا أنه لم يتم المصادقة إلا على خمس حروب.
2- السلطة التنفيذية: وعلى رأسها الرئيس ويرأس الحكومة والوزراء، ومن مكوناته الرئيسة:
أ-مجلس الأمن القومي: برئاسة الرئيس وعضوية وزراء الخارجية والدفاع والمالية ورئيس الأركان، ويمكن أن يضم بعض كبار الموظفين، ويتولى مستشار الأمن القومي تنسيق الأعمال بين المخابرات والدفاع والخارجية والاستخبارات ومراكز الأبحاث التابعة لها.
ب-وكالة المخابرات المركزية وتقدم المعلومات والتحليلات في الميادين الإستراتيجية العسكرية والسياسية والاقتصادية، والقيام بعمليات سرية بأمر من رئيس الدولة.
جـ- وزارة الدفاع: يعد الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة.
د- وزارة الخارجية.
3- جماعات المصالح: وتتشكل في ثناياها صناعة السياسة الأمريكية، منها: مجلس العلاقات الخارجية، ومؤسسة بروكنجز للأبحاث، ولجنة التنمية الاقتصادية، ومؤسسة رائد للأبحاث، ومعهد هيدسون للأبحاث، أدوات المخابرات المركزية، شخصيات في قمة السلطة، والشركات الكبرى، والمؤسسات الصناعية متعددة الأنشطة، والبنوك، والمؤسسات الصحفية، ورجال القانون، والشخصيات، واللوبي الصهيوني، وجماعات المصالح الأمريكية الممثلة بالأقليات الأمريكية.
المبحث الثالث: الاتفاقيات الدولية:
1- المساهمات الاقتصادية العالمية:
ساهمت الولايات المتحدة بنصيب عالي بالثورة العلمية، متزامنا مع الحديث عن "نظام عالمي جديد"، ومتوازية مع شدة المنافسة في حصة التجارة العالمية التي تتأرجح باضطراد بين الولايات المتحدة ودول شرق آسيا، ودول أوروبية، وحسب جدول التجارة الدولية سجلت الصين المركز الأول لعام 2014 ، وسجلت الولايات المتحدة المركز الثالث بعد أوروبا مجتمعة.
وترتبط التجارة الدولية عادة بمعاهدات، بين دول وبين شركات، شكلت شركات الطاقة والنقل بمساهمة عالية، والتي لها تسجيل في أكثر من دولة، وتُعرف باسم الشركات العابرة للقارات، وتستحوذ على مناطق النفوذ أو الاحتكار، تلك الشركات أصولها في الدول التي تمثل أعلى نسبة تجارة عالمية، ورأس مالها المتحرك عالميا يتجسد في شركات تصنع سياسة الدول، أو توجهها، وتملك دولها أغلب النقد العالمي حيث فيها الشركات العالمية، ترتبط تلك الدول بأحلاف، أو بمنظمات، كمجموعة الثماني، والتي لن تسمح تلك الشركات الممثلة بالولايات المتحدة من سيطرة منافسين عليها، وإن كانوا حلفاء، حيث التحكم بالمصادر الأولية للطاقة.
2- إتفاقية لوزان الثانية:
تكمن أهمية الحديث عن اتفاقية لوزان في سببين: الأول كونها الاتفاقية الدولية القانونية المنظمة لحالة الدول العربية كإقليم تم فصله عن الحكم التركي، والسبب الثاني أن أي اتفاقية دولية يمكن أن تُجدّد قبل 100 عام من سريانها، هذا حسب تصريحات لقادة أتراك: "تركيا" عام 2023، وبتوقيع الاتفاقية نشأت دول كانت تمثل 80% من مساحة الدولة العثمانية، وبدأت تركيا تطالب بتعديلها، أي تعديل على بعض المناطق، وهو يعكس ما صرح به الرئيس التركي في سبتمبر من عام 2016، حيث قال: "إن خصوم تركيا أجبروها على توقيع "معاهدة سيفر" عام 1920، وتوقيع "معاهدة لوزان" عام 1923، وبسبب ذلك تخلت تركيا لليونان عن جزر من بحر إيجه..." ، يقول: "لن نقبل أي سيناريو لا تشارك تركيا فيه"، كما ويشدد القادة الأتراك على
إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، موضحين أنها غير المنطقة العازلة التي لم نطالب بها.
وحتى يكون جزءاً من راسمين الجغرافية السياسية في الجوار التركي، فقد استطاع "أردوغان" استغلال الظروف الإقليمية، لكسب مزيد من التأييد في التدخل العسكري في شمال العراق، في حال نجح في خطة شمال سورية، لإعادة السيطرة على القرى المنزوعة باتفاقية لوزان، بالتالي تحصين خط حلب الرقة الموصل التاريخي، فالتدخل ليس لمجرد إنشاء منطقة آمنة، إن الخطة تتعلق بممرات آمنة لنفط منطقة شمال الشرق الأوسط.
الفصل الثالث
المبحث الأول: سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط:
إذا رجعنا لإعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب حول "النظام العالمي الجديد" منذ عام 1990، وما فعله جورج الابن بعد عشر سنوات باحتلال العراق وربطناه بما صرحت به "كونداليزا رايس" بعد 15 سنة حول الربيع العربي وأسمته "بالفوضى الخلاقة" وديمومتها، وتتابعها، لظهرت لنا الصورة الكاملة في هيمنة الشركات عابرة القارات، عبر الإدارة الأمريكية، التي تقوم في السيطرة على المواد الخام، وفق حقوق الامتياز.
يستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعاً من عدم الفصل وتلاشي المسافة، ويعرفها المفكر البريطاني "رونالد روبرتسون" بأنها "اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش"، كما يعرفها "مالكوم واترز" مؤلف كتاب العولمة بأنها "كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد"، أي على النطاق الكوني، متجاوزة المكان والزمان، والثقافة، إنها الذوبان بين من يملك ومن لا يملك، وتوجهات الهيمنة والسيطرة الكاملة.
إذا فسياسة الولايات المتحدة تقوم على أسس ثابتة اتجاه الآخرين ومحركها المصالح الاقتصادية، تختلف الاستراتيجيات من منطقة إلى أخرى، وتظهر في الشرق الأوسط كالتالي:
1- رسم خارطة جيوسياسية جديدة للمنطقة تتماشى مع ما أعلنه جورج بوش الأب حول "النظام العالمي الجديد"، والفوضى الخلاقة، للسيطرة الاقتصادية.
2- وبالتالي تكونت أحلاف "القوة" الحرب حاجة أوروبا لموارد نفطية بديلة عن روسيا، وحاجة الصين المطردة للطاقة، فتمثل الصراع على منطقة الشرق الأوسط، كونها منطقة الإنتاج والنقل التاريخية والمستقبلية، فنتج عن الصراع حلف روسي/ صيني/ إيراني: واتفقت مصالحهم العامة ضد الحلف المقابل وهو حلف: أمريكي/ تركي/ خليجي/ أردني، مع تغييب دور حلف الناتو باستثناء دوره البسيط في ليبيا.
3- مصالح الحليف الخجول "أوروبا"، حيث تناقضات دولها، وعدم اتفاقها على رؤيا واحدة في المنطقة، الدول الاسكندينافية أقرب لحقوق الإنسان، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مختلفات، ومصالح روسيا والولايات المتحدة ضغطت عليها، لاحتوائها وإضعافها لاحقا دون تفككها، والذي عليها أن تدفع مشاركات إضافية، كتوطين اللاجئين، وعلى نفس الصعيد التحكم أو إضعاف أو إنهاء اليورو المنافس للدولار، فأوروبا تمثل مجتمعة القوة الاقتصادية الأولى في العالم.
4- الغاية إنشاء ممرات آمنة لنقل النفط والغاز الخليجي، الذي شكل حالة من الصراع الدامي في المنطقة، وقد يتم التأخير المقصود لحل موضوع الإرهاب، الذي سيستثمر كحالة تهديد دائمة لدول المنطقة، يمكن استخدامه لإعادة استكمال رسم الخارطة.
5- الصراع بين القطبين للسيطرة على شمال سوريا "المنطقة الآمنة"، والمرشحة لأن تكون "ممر آمن" لنفط الخليج، بوضع خط نقل للغاز وللنفط خاص بكل من قطر والسعودية والكويت مرورا بشرق الأردن إلى شمال حلب وأخيرا اللاذقية، إحياءً لخط التابلاين، وفطن الحلفين لأهمية نفط أكراد العراق وربطه بشمال سوريا الذي سيسير إلى جنوب كوباني في الشمال السوري مرورا إلى شمال حلب وأخيرا اللاذقية، بدلا من استمرار ضخ النفط عبر ميناء جيهان التركي، على أن يطور الخط لاحقا من بحر قزوين في إيران مرورا بشمال العراق وسوريا وأخيرا اللاذقية، أو من أذربيجان أرمينيا وميناء جيهان التركي، كما هو الآن، وبذلك يتم التحكم الكامل بثلثي نفط العالم وممراته، كما تفضل تركيا، وترفضها مصر، وبالتالي سيتم عزل روسيا وحلفائها، ونورد ما قاله رئيس مركز البحوث السياسية ومدير صندوق الطاقة الروسي قسطنطين سيمونوف من أن التنافس على موارد الطاقة هو سبب المواجهة الشاملة، وأضاف "تعتقد بعض الدوائر الغربية أن إبعادنا عن مشروع نقل الغاز من بحر قزوين سيحقق لأوربا فوائد مالية واقع الأمر فان مرور أنابيب الغاز عبر أراضينا يمثل ضمانة لتدفقه وبكلفة اقل وبعيدا عن الهزات السياسية والاقتصادية التي تعيشها بصورة دورية بلدان أسيا الوسطى والقوقاز، وعلى نفس الصعيد التحكم في أوروبا وربط إمدادات الطاقة بسيطرة الولايات المتحدة عليها، عبر شريكتها تركيا، دون السماح لتركيا بالتفرد، من خلال اتفاقيات الامتياز/الاحتكار للشركات العالمية.
6- هذا بالنتيجة سيقوي حلف روسيا، وبالتالي بقاء الأحزاب (كحزب الله/ حزب الله العراقي/ الحوثيين/ داعش أو بدلائها) التي ستعمل على إبقاء حالة "الحرب بالوكالة"، وفعلا قدمت روسيا والصين دعمهما لإيران في حرب اليمن ضد حلف السعودية للسيطرة لاحقا على بحر العرب، حيث مضيقي هرمز وباب المندب، كممرين للطاقة، ولحركة التجارة العالمية، وتعلم الولايات المتحدة أن مصالح روسيا أساسها موجهة نحو أوروبا، ومقاومة المد الأمريكي، كسوق رئيسي لها للغاز وللنفط، فروسيا لن تتنازل عن مقاومة تغيير الحالة.
7- مقاومة الإرهاب: تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها المذكورين إضافة إلى مصر، على مكافحة الإرهاب، ومقاومة المد الإيراني، هذا الحلف ما زال ضعيف لتعارض المصالح بشكل أصيل بين تركيا ومصر، ووجود حليفتها الإستراتيجية إسرائيل حيث مصالحها مختلفة أيضا، ولسوف تبقى مصر، تعمل على تعطيل خط النقل المتوقع من الخليج العربي إلى شمال سوريا، حيث تأثيره السلبي على قناة السويس.
8- الدول العربية التي تكوِّن الرباعية العربية كقوة إقليمية، مصر والسعودية والإمارات والأردن، ما زالت مصالحها متضاربة، ومتضاربة في العلاقة مع تركيا وفي نقل النفط والغاز.
9- بالتالي جعل مناطق التسويق في الشرق الأوسط، كمناطق امتياز أمريكية، وحصر المد الروسي والصيني، الذي ازدادت استثماراته في أفريقيا وشرق آسيا، وازدادت استثمارات الصين في الولايات المتحدة، فإجمالي الدين الفيدرالي للولايات المتحدة الفدرالية قفز إلى 20 ترليون دولار بزيادة بلغت نحو 9 تريليونات دولار خلال فترة حكم الرئيس أوباما، ووفقا للوتيرة الحالية فإن هذا المبلغ يزداد ٣.٨٥ مليار دولار يوميا وهو ما يخص السندات الحكومية منه فقط، علما أن ربع تلك السندات تعود ملكيتها للصين، ومع تلاقي مصالحهم في التبادل التجاري، إلا أن مصالحهم بعيدة المدى لا تتلاقى، كما روسيا.
10- حالة القفز للواجهة، وحالة اللاتراجع لحركة الأخوان المسلمين، التي كانت مرشحة كبديل قيادي لما بعد "الفوضى الخلاقة" في المنطقة، بترشيح من بريطانيا، وكسياسة الحليف المستقبلي لشبكة المصالح الإيجابية المركزية وسياسة الأسلوب الموازن لدى الولايات المتحدة، في المنطقة، ولتغيير أوجه الحلفاء، إلا أن الخطة قد فشلت، وذلك لتدخل تركيا المباشر في ملف الإخوان، لمصالحها، وإفشال العسكر لهم في قيادة مصر، فأفرزت الحالة الناتجة عناصر ومجموعات تتسم أعمالها بالإرهابية، والبحث لها عن مكان في الساحة بعيدا عن الظهور في حلف، غيَّر من التوجه الأمريكي الإيجابي نحوهم، وجعل حالة الصراع تستمر.
11- وبالنتيجة، لا يمكن حسم صراع القطبين، ولا تحديد الرابحين فيه، ولا من الأطراف الإقليمية الفاعلة، فهو صراع مفتوح على الزمان والمكان، فهو من نوع الصراعات التاريخية التي قد تقفز الشعوب لتعيد كل الحسابات.
المبحث الثاني: علاقة الولايات المتحدة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي
أولا: علاقة الولايات المتحدة الإستراتيجية بإسرائيل:
1- تاريخ العلاقة: تدهور وضع طوائف يهودية في أوروبا ابان الحرب العالمية الثانية، وكانت الصهيونية وأملاكها ما زالت قوية، والتي بدأت بنقل استثماراتها إلى الولايات المتحدة مبكرا، وتحالفت الإمبريالية الأمريكية بالطائفة اليهودية بوصفها أضخم وأغنى طائفة، توافق ذلك بالاصطدام مع توجهات بريطانيا في مسألة تقسيم فلسطين التي لا تلبي طموح الوكالة اليهودية، ونجحت الصهيونية الأمريكية في مايو عام 1942 من عقد "مؤتمر بلتيمور"، بدعم من "ترومان" و "ديفيد بن غوريون" الذي قال: "لم يعد باستطاعة اليهود الاعتماد على الإدارة البريطانية في تسهيل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين"، ووجه الحركة الصهيونية للتحالف مع الولايات المتحدة كقوة صاعدة بدلا من بريطانيا، وفعلا نُقلت قيادة المنظمة اليهودية للولايات المتحدة، وخرج مؤتمر بلتيمور بتوصيات استراتيجية، وأدخلت التوصيات الصهيونية في مقرّرات الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأصدر الكونغرس – وما زال- العديد من القرارات تنفيذاً لتلك السياسة، ولتمثيل الامبريالية العالمية في منطقة الشرق الأوسط.
2- مقدار التعاون: أمدت الولايات المتحدة إسرائيل بدعم دبلوماسي وعسكري، وبلغ قيمة الدعم الاقتصادي النقدي 115 مليار دولار منذ عام 1949، عدا المشاريع، وشراكة في رأس المال للشركات العالمية، التعاون في التكنولوجيا العسكرية، التعاون الأمني في فترة الحرب الباردة، التعاون الأمني فيما يخص الشرق الأوسط وفي رسم سياسات أمنية له.
وخلص الأستاذ محسن صالح إلى القول: "تدفع الإدارة الأميركية بتنسيق إسرائيلي، باتجاه إثارة المشاكل والفتن في البلدان التي تشهد انتفاضات وحركات تغيير، لتحقيق مزيد من التفكيك في العالم العربي..، ومحاولة لتثبيت الكيان الإسرائيلي ككيان طبيعي في "بيئة طائفية وعرقية".
ثانيا: مواقف الولايات المتحدة من إسرائيل والقضية الفلسطينية:
1- الموقف من القدس والمستوطنات: أيدت الولايات المتحدة القرارات الدولية بخصوص عدم ضم القدس، إلا أنها ناقضتها في مبادراتها لحل النزاع، وتدرجت من معارض للضم إلى بقاء وحدة القدس، التي احتلتها إسرائيل، فقد قدم الرئيس الأمريكي ليندون جونسون (1963 - 1968) مشروعه للسلام مطالبا الدول المعنية للاعتراف المتبادل ضمن حدود متفق عليها دون الرجوع إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949، وإيجاد ترتيبات خاصة بالقدس تعترف بمصالح الأديان السماوية في الأماكن المقدسة.
وقدم الرئيس نيكسون مشروع روجرز رسميا في 25/6/1970، وجاء فيه: "إن وضع القدس يمكن أن يتحدد فقط من خلال اتفاق الأطراف المعنية، خصوصا إسرائيل والأردن... ونحن نؤمن بأن تبقى القدس موحدة، على أن يكون للأردن حق مدني وديني واقتصادي فيها.
وعبر الرئيس جيمي كارتر عن موقفه في 3 آذار/مارس 1980: "نحن نؤمن بقوة بأنه يجب أن تبقى القدس موحدة، مع توفير حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، وأن وضع القدس يتم تحديده من خلال المفاوضات لسلام دائم وشامل".
وكان موقف الرئيس ريغان عام 1981 أكثر انحيازاً "المستوطنات غير ضرورية ولكنها ليست غير شرعية"، وأكده مساعد سكرتير البيت الأبيض يوجين روستو بقوله: "في ما يتعلق بالاستيطان، فأنا أختلف مع الإدارة الأمريكية السابقة عندما أشارت إلى أن الاستيطان... فالمستوطنات ليست غير قانونية، ولكنها أمر غير محبب واستفزازي".
أما في عهد الرئيس بيل كلنتون فقد كان أكثر ميولا وتقبلا لواقع المستوطنات، ولوحدة القدس، من خلال مقترحاته في كامب ديفيد 2 عام 2000.
2- الموقف من اللاجئين قدمت الولايات المتحدة عدة مشاريع لا تتفق والعودة ، منها:
لجنة "كلاب"، "جون بلاندفورد" عام1951، مبادرة اريك جونسون في عهد الرئيس أيزنهاور، مبادرات جون فوستر دالاس 1955، وكينيدي 1957، دراسة هيوبرت همفري 1957، مشروع داغ همرشولد 1959، جوزيف جونسون 1962 وقامت على أساس التعويض، مشروع المحامية الأمريكية "دونا آرزت" 1977 لتوطين نحو 75 ألف فلسطيني، مشروع "فانس" 1969 إنشاء صندوق دولي للتوطين، ودفع تعويضات وفق جداول لجنة التقديرات عام 1950.
وكانت رؤية بيل كلينتون عام 2000: توطين بعض اللاجئين في الدولة الفلسطينية وفي الأراضي التي ستنقل من إسرائيل.
3- الموقف من الحدود: قدمت أمريكا ورقة عمل إلى الدول الدائمة في مجلس الأمن بشهر آذار عام 1969 كمشروع لحل أزمة الشرق الأوسط وتفسر فيه قرار 242:
1- ترى الولايات المتحدة أنه من غير الممكن العودة إلى حدود الهدنة التي كانت موجودة قبل حرب 1967، وبدلاً منها تحديد حدود آمنة معترف بها من جميع دول الشرق الأوسط.
2- ان توضيح الردود يعتبر تفسيراً صحيحاً لقرار مجلس الأمن، ولا تعتقد الولايات المتحدة أن هذا القرار يستلزم انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة.
3- يجب على جميع اللاجئين العرب الذين غادروا اماكن إقامتهم بعد حرب 1967 العودة إلى أماكنهم، أما بقية اللاجئين الفلسطينيين فيجب ان يُعاد توطينهم في البلاد العربية (والمقصود هنا جميع لاجئي عام 1948)، ولم تختلف هذه السياسة إلى الآن.
أما عن موقف إدارة ترامب: فهو المحافظة على أمن إسرائيل، وأسماه بالأمن القومي، وقد
سجل المتابعون لارتياح إسرائيلي وقلق فلسطيني من فوزه، كما وخلص المركز الفلسطيني للإعلام في سيناريوهات محتملة أن لا تغير في سياسة الإدارة الجديدة.
الاستنتاجات:
1- تقوم سياسة الولايات المتحدة على أسس ثابتة، ومحركها المصالح الاقتصادية، تختلف الاستراتيجيات من منطقة إلى أخرى، وستحاول الولايات المتحدة أن تبقى صاحبة القرار في القوة والاقتصاد والتنمية.
إلا أن حالة الصراع في المنطقة متعدد القوى والأوجه والمصالح، ولن يحسم في الأمد القريب
2- محاولة فاشلة لحصر المد الاقتصادي للصين عالميا، مع محاولة التفاهم مع روسيا.
3- إضعاف أوروبا كوحدة واحدة، وإضعاف اقتصادها الموحد.
4- رسم خارطة جيوسياسية للمنطقة، لدول مفككة أو غارقة في صراعات الجوار، أو تتسم بالضعف، لتخدم مخطط إنشاء ممرات آمنة لنقل النفط والغاز الخليجي.
5- لا تتفق مصالح القوى الإقليمية الحليفة للولايات المتحدة: تركيا، السعودية، مصر، الأردن، الإمارات، مع بعضها البعض، فهناك عدم اتفاق في عدة ملفات منها: الإخوان المسلمين، عدم تحديد للجماعات الإرهابية، عدم حسم أماكن خط النقل، غياب رؤيا واضحة متفق عليها لحل قضية فلسطين.
6- "إسرائيل" ركن في السياسة الأميركية للشرق الأوسط، وتدعم بقاءها وهيمنتها كقوة إقليمية، وستعمل على دعمها فيما يخص القضية الفلسطينية.
7- تعاملت الولايات المتحدة مع الحالة الفلسطينية كنتيجة تفاعل العوامل الخارجية وتحالفاتها الدولية والإقليمية، وكحالة داخلية لأمن إسرائيل، وفق إدارة لـ "أزمة دائمة"، وليست كحالة صراع مؤثرة بشكل دائم.
8- بالتالي يمكن أن يتراجع الاهتمام بملف التسوية السياسية/السلمية، للأسباب أعلاه، ولتقدير الخصوم حالة الضعف الداخلي، حيث الانقسام، بالتالي ستعمد أمريكا وإسرائيل على إبقاء إدارة المفاوضات متأرجحة بين إدارة صراع عام، إلى إدارة سلبية للصراع، حيث اللامبالاة أو التحيز الظاهر لإسرائيل، وستعمل إسرائيل على فتح اتصالات مع شخصيات فلسطينية، وتوسيع من حالة التنسيق خارج إطار السلطة الرسمية، منها البلديات، والتي تقوم بالتنسيق المباشر معها في قضايا إدارية وفنية فعلا، وكذلك مع جهات اقتصادية كغرف التجارة والصناعة، وتوسعة ذلك في مجالات أخرى.
8- كحالة للضغط، استمرار استخدام بعض الجهات العربية ضد القيادة، لاحتمالين:
أ- حتى توافق القيادة الفلسطينية على حلول مرحلية
ب- أو تجاوزهم للقضية الفلسطينية بزيادة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
9- سيبقى لحركة الأخوان المسلمين حالة من التواجد، وورقة يمكن العمل معها دوليا لاحقا.
التوصية: ماذا عن الخيارات الفلسطينية ؟
لتعدد القوى والأوجه والمصالح، في الصراع القائم، فإنه يمكن البحث عن نقاط الضعف فيه، يمكننا من الاستفادة لتعزيز الحالة الفلسطينية.
1- بحث القيادة عن تفعيل دور روسي، ودور صيني، ترتبط فلسطين بمصالح معه.
2- بحث عن تفعيل دور أوروبي، كوحدة واحدة، وكل دولة على حدا، لها مصالحها أيضا.
3- العمل مع المنظمات الإقليمية، العربية والإسلامية، وهي الداعمة تاريخيا للقضية، محاولة لتعويض النقص في معادلة القوى الشاملة.
4- التواصل والعمل مع الاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات والأحزاب للدول المختلفة وتصنيفها، لتصبح أدوات ضغط إيجابية.
5- البحث في دول الرباعية العربية عن حلول لوقف الضغط.
6- الاهتمام بدول أفريقيا، حيث اهتمام الأقطاب الدولية فيها، خصوصا الصين.
7- عدم الموافقة على تقسيم نفط وغاز البحر المتوسط دون فلسطين.
8- التأكيد على دور العالم، وخصوصا الدول الأوروبية، في الحفاظ على حقوق الإنسان.
9- البحث في عن دور أمني، مع مختلف الدول صاحبة المصالح ومنها الولايات المتحدة.
10- البحث عن دور في المجال الاقتصادي والبيئي بما فيها المشاريع الإقليمية.
11- البحث في الاتفاقات الدولية، ومدى الاستفادة لتخفيف الضغط.
12- تقوية حالة منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وكمرجعية قانونية لكل المؤسسات الفلسطينية، كالسلطة، والتي قد تكون بديلا لإنهاء دور السلطة.
13- تقوية فصائل فلسطينية، الشركاء التاريخيين، والتي ما زال لها تأثير وعلاقات دولية.
14- العمل على مصالحة داخلية والقفز عن التنفيذ الإجرائي مع حركة حماس.
15- فتح قنوات إتصال مع قيادة الإخوان المسلمين.
الخلاصة :
في العموم خلصنا للتمييز بين أمرين، الأمر الأول في مفهوم "التوجهات السياسية" العامة الأمريكية كمفهوم "مطلق التوجه" وبعيد الأمد، غير محدد بالزمان أو المكان ويرتبط بالمصالح العامة للهيمنة الأمريكية على التجارة العالمية، وبالتالي على المواد الأولية وأسواق الاستهلاك، وأن رأس المال هو المحرك للسياسة، ومجموعات الضغط، وتقاطع المصالح، وإن الخلاف بين الحزبين الأمريكيين يكمن في الأولويات ونوعية إستراتيجية العمل، تلك الإستراتيجية محددة الزمان والمكان، الأمر الثاني هو ضرورة التمييز بين راسمين السياسة، أولئك، وبين منفذيها، ومعهم شركاء أو منفذين في المنطقة، وخصوم، ولكل منهم مصالح مع أقطاب دولية وإقليمية.
الحالة الدولية تهتم في إعادة ترتيب النفوذ والسيطرة على مناطق النفط والغاز وممرات العبور التاريخية وإنشاء ممرات ونقل وسيطرة جديدة، بالتالي ظهور حلفاء جدد مع الولايات المتحدة، يواجههم الروس وحلفائهم في المنطقة، ولاعتبارات كثيرة فإن فلسطين تنأى عن نفسها في الدخول بأحد الحلفين، مع ضرورة البقاء على هامش من التعاون مع الجميع، وفي ملفات محددة، مما سيشكل على المستوى البعيد حالة قوة، لكنها الآن تمثل حالة ضعف وتهديد في آن واحدـ
تلك الحالة شكلت انعكاس سلبي على قضية التسوية السلمية، المماطلة أصلا من قبل إسرائيل، من مؤسسات الضغط، لتتحول في عهد "دونالد ترامب" إلى إدارة سلبية للصراع، تصب بشكل تام لصالح سياسة إسرائيل معلنة كانت أم خفية.
بالتالي فإن الاهتمام الخارجي للولايات المتحدة ستكون بإدارة الصراع للقضية الفلسطينية طالما بقيت مرتبطة بمصالحها، حيث إسرائيل، إن كانت التقديرات للحالة الفلسطينية لا تشكل خطورة على المصالح المذكورة، وكونها خارج التحالفات، فسوف تستمر إدارة الصراع بالحد الأدنى من الاهتمام، واقع الحال أن ضغط الرباعية العربية يوحي بأهمية إنهاء الصراع، لكن قد لا يتعدى كونه مصالح عربية للتوسع في علاقاتهم مع الكيان الإسرائيلي تحت ضغط رأس المال والشركات ذات النفوذ عليهم أكثر من كونه ضغط من الإدارة الأمريكية ذاتها.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المراجع:
1 - هايل عبد المولى، الأمن الوطني وعناصر قوة الدولة في ظل النظام العالمي، دار المنهل، 2012،
2- د. مصطفى علوي، القطب المنفرد، المركز العربي للبحوث والدراسات 20