تابعونا
النزاهة من اسمى المبادئ التي يتوجب على كل عسكري الالتزام بها تحقيقاً للمصلحة العامة للدولة الفلسطينية، لتكون فوق أي مصلحة شخصية بما يقتضيه ذلك من الامتناع عن استخدام الصلاحيات الممنوحة للعسكري،من اجل تحقيق مصالح شخصية
الرئيسة/  الارشاد الديني

الأمن وأهميته في حياة المسلمين

2019-01-03

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأمن وأهميته في حياة المسلمين

 

الحمد لله رب العالمين القائل (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)

الأمن من أهم مطالب الحياة الطيبة المطمئنة، ذلكم أن الأمن يعني: السلامة من الفتن والشرور، ويعني: الاطمئنان والاستقرار والرخاء والازدهار.

فالأمنُ حقيقتُه: انتفاء الخوف على حياة الإنسان وعِرضه ومُلكه ومُكتسباته، [ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ] [يوسف: 99]، [ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ] [آل عمران: 97].

فالأمنُ نعمةٌ عُظمى لا يعرفُ قدره وعظيمَ أهميته إلا من اكتوَى بنار الفلتان الامني، فوقع في الخوف والقلق والذُّعر والاضطراب ليلاً ونهارًا .

إن الإسلام وهو الذي جاء لتحقيق المصالح ، ودرء المفاسد ، فإن أحكامه الغرَّاءَ تعتبِرُ أيَّ فعلٍ أو تصرُّفٍ أو دعوةٍ لزعزعة أمن المجتمع جريمةً كبرى وجنايةً عُظمى ومفسدةً ؛ فربُّنا - جل وعلا - يقول:  وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا  [الأعراف: 56]، ويقول:  وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ  [المائدة: 64]؛ فأيُّ بيانٍ أوضح من هذا البيان؟!

والأمن هو الهدف النبيل الذي تنشُدُه المجتمعات البشرية، وتتسابق إلى تحقيقه الشعوبُ العالمية، يقول تعالى - مُمتنًّا على قوم سبأ -: [ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِين ] [سبأ: 18]، ويقول - سبحانه -: [فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ] [قريش: 3، 4].

وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أصبح آمنًا في سِربه، مُعافًى في جسده، عنده قُوت يومه؛ فكأنما حِيزَت له الدنيا»؛.

ولأهمية الأمن وعظيم مكانته كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم استر عوراتي وآمِن روعاتي»؛ .

فبانعدام الامن تصبح الحياة جحيما لا يطاق فشعبنا الفلسطيني اول من اكتوى بناره والان دول الجوار أيضا أصبحت بلا امن .

ومن هنا؛ فالأمن في الإسلام مقصدٌ عظيمٌ شُرِع له من الأحكام ما يكفُلُه ، فقد تضافَرت النصوص القطعية على وجوب المحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وحرَّمت الشريعةُ كل وسيلةٍ تنال من هده المقاصد، أو التعرُّض لها، وشرَعت من الأحكام الزاجرة ما يمنع من التعرُّض لها أو يمسها.

بل إن الإسلام حرَّم كل فعلٍ يعبَثُ بالأمن والاطمئنان والاستقرار، وحذَّر من كل عملٍ يبُثُّ الخوف والرعبَ والاضطراب، من مُنطلق حرصِه على حفظ أجلِّ النعم: الأمن والأمان.

ومن هذا المُنطلق نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتسبَّب الإنسان إلى فعلٍ يؤدِّي إلى المَساسِ بالأمن والاستقرار، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّع مسلمًا»؛ رواه أحمد، وأبو داود.

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُشِر أحدُكم إلى أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرةٍ من النار»؛ متفق عليه.

بل ولقد بلَغت عنايةُ الإسلام ونصوصه أن جاءت بالنهي عن كل ما يُؤذِي المسلمين في طرقاتهم وأسواقهم ومواضع حاجاتهم؛ في الحديث: «إياكم والجلوس في الطرقات»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مرَّ أحدُكم في مساجدنا أو أسواقنا ومعه نَبْلٌ فليُمسِك على نِصالها أن يُصيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيء»؛ متفق عليه.

إن الأمن بأشكاله المختلفة لا يتحقَّقُ إلا بطاعة المولى - جل وعلا - والتقيُّد بشرعه ومنهجه، مع الحِفاظ على سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، [start-icon] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا .

كما أن من أعظم الأسباب لتحقيق الأمن: الاعتصام بحبل الله - جل وعلا -، والاجتماع على دينه، والتعاوُن على البر والتقوى، استجابةً لقوله تعالى: [start-icon] وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [end-icon] [آل عمران: 103].

يقول - صلى الله عليه وسلم -: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم مثلُ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»؛ متفق عليه.

إن أعظم أسباب فُقدان الأمن وحُدوث الكوارث والخُطوب: الإعراضُ عن طاعة الله - جل وعلا -، وعن طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفُشُوُّ المعاصي والسيئات، يقول ربُّنا - جل وعلا -: [start-icon] وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [end-icon] [النحل: 112].

إن من أسباب زعزعة الأمن: التفرُّق والاختلاف بين المسلمين؛ فكم جرَّ ذلك من فساد الأحوال الدينية والدنيوية مما لا يُحصَى من الشرور والآلام، فربُّنا - جل وعلا - يقول: [start-icon] وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [end-icon] [الأنفال: 46].وقد استحضرني قول الشاعر احمد مطر :

بيني وبين قاتلي حكاية طريفة ،

فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة ،

أن أطعن السيف أنا بجثتي، فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة ،

حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة ،

فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما يفرغ من تأدية الوظيفة ،

لقد سطَّر لنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - العلاجَ الناجعَ الذي إذا سلَكناه في مثل هذه الفتن الحاضِرة الآن فإننا نعيشُ - حينئذٍ - بأمنٍ وأمانٍ واستقرارٍ ورخاءٍ.

ولنحرِص جميعًا في هذه البلاد، وفي جميع بلدان المسلمين التي منَّ الله عليها بالأمن، لنحرِص على شكر الله - جل وعلا - على هذه النعم، ولنتعاون على الحِفاظ عليها بكل غالٍ ورخيص، ولنحذَر اخواني من كل دعوةٍ تُهدِّدُ الأمن، وتُزعزِعُ الاستقرار، فلا هناءَ في عيشٍ بلا أمن، ولا سعادة في مالٍ بلا استقرار.

ألا وإن أعظم الأمور عند الله بعد الشرك: إراقة الدماء المسلمة، وإزهاقُ الأرواح المؤمنة التي لا يرضى الله - جل وعلا - بهذا الفعل أبدًا، [start-icon] وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [end-icon] [النساء: 93].

يا من تتلوَّثُ يدُه بقتل مسلمٍ! كيف بك إذا وقفتَ أمام الله - جل وعلا - وقد حذَّرك الله بهذه العقوبات المُتنوِّعة.

وقد جاء نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالتحذير من مثل هذه الأحوال: «لا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ»، وكأنه يحكي حال اليوم، «إذا التَقَى المسلمان بسيفيهما فالقاتلُ والمقتولُ في النار». قيل: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بالُ المقتول؟ قال: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه»؛ متفق عليه.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا ونبينا محمد، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن الآل ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

مفوض الارشاد الديني

مقدم/ شكري خاطر

Developed by MONGID | Software House