تابعونا
النزاهة من اسمى المبادئ التي يتوجب على كل عسكري الالتزام بها تحقيقاً للمصلحة العامة للدولة الفلسطينية، لتكون فوق أي مصلحة شخصية بما يقتضيه ذلك من الامتناع عن استخدام الصلاحيات الممنوحة للعسكري،من اجل تحقيق مصالح شخصية
الرئيسة/  الارشاد الديني

الاسلام ضد العنصرية

2022-01-16

بسم الله الرحمن الرحيم

الاسلام ضد العنصرية

 

إذا أردنا تعريف العنصرية فيمكن أن نقول إنها “كل الأفكار والمُعتقدات والقناعات والتَّصرفات التي ترفع من قيمة مجموعة معينة أو فئة معينة على حساب الفئات الأخرى، بناء على أمور مورّثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم، وتعتمد في بعض الأحيان على لون البشرة، أو الثقافة، أو مكان السكن، أو العادات، أو اللغة، أو المعتقدات”. كما أنها يمكن أن تعطي الحق للفئة التي تم رفع شأنها بالتحكم بالفئات الأخرى في مصائرهم وكينونتهم وسلب حقوقهم وازدرائهم بدون حق .

وقد ظهرت العنصرية منذ خلق الله الحياة على هذه الأرض، وتعد أحد أسباب الفتنة، وأبرز أسباب الحروب والتفرقة، وهي من أشد الأمراض فتكا بالمجتمعات، ولم يخل منها أي عصر من العصور. ولا شك أن أبرز مثال على العنصرية هو تجارة الرقيق التي مارستها بعض الدول أو المجتمعات على ذوي البشرة السوداء في فترات مختلفة من التاريخ البشري، فجعلت منهم عبيدا بلا سبب إلا للاختلاف في اللون. أما اليوم، فإننا نعيش عصرا جديدا للعنصرية المتفشية في أشكال وقوالب مختلفة، تارة تغطيها التكنولوجيا، وتارة تحميها حقوق الإنسان، وأخرى تبررها مظاهر العولمة وإفرازات التقدم ودواعي العصرنة. ولأن هذا الوضع واضح للعيان ويعيشه البشر في كل مقام ومقال، في المدارس والملاعب وساحات العمل، فإننا لن نتجه إلى شرح أو تفسير مظاهر وأشكال العنصرية التي تفشت في كل المجتمعات الغربية منها وأيضا العربية والإسلامية، وإنما سنتجه إلى تبيان كيف نعالج هذه الآفة الخطيرة كمسلمين، ونعرف كيف عالجها الإسلام في السابق وكيف هي الآن. وقبل ذلك نطرح السؤال هل نعاني من العنصرية؟ أم أننا نحن أنفسنا عنصريون؟ وفي وقت أصبحت فيه مناهضة العنصرية في الملاعب الأوروبية مثلا تعد بطولة وشهامة وموقفا يذكر لصاحبه كما لو كان إنجازا لا مثيل له، يجب أن نعترف أننا نسينا أو تجاهلنا أن الإسلام أول من حارب العنصرية وعالجها وطرح خططا للقضاء عليها. 

وعن الاختلاف الطبقي الذي نعيشه في مجتمعنا تحت مسميات عديدة: مدينتي وقبيلتي وعرقي ولغتي..فهذه النظرة المريضة هدمت الكثير من البيوت، وأفشلت العديد من الزيجات، كما أنها أدت إلى التنافر والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد في بعض المناطق، وقد دعا الكثير من المشايخ والمصلحين ينبغي المجتمع الإسلامي أن يتجاوزها وأن يرفضها وأن يتركها، لقوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].

والنبي ﷺ وأصحابه تجاوزوها وضربوا للناس أروع الأمثال في هذه المسائل، فزوج عليه الصلاة والسلام فاطمة بنت قيس -وهي قرشية- على أسامة بن زيد -وهو عتيق، وتزوج أبوه زينب بنت جحش -وهي أسدية وأمها عمته عليه الصلاة والسلام- ولما طلقها زيد أخذها النبي ﷺ -وزيد مولاه وعتيقه، وكذلك بلال تزوج زهرية أخت عبد الرحمن بن عوف -وهو حبشي عتيق. فهذه مسائل اعتنى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ونبينا قبل ذلك عليه الصلاة والسلام بما يزيلها، لأن العرب كانت تعظم هذه الأمور، وكانت العرب تأبى أن تزوج بناتها على الموالي وعلى العجم، ولكن جاء الإسلام بأنه لا حرج في ذلك، والحمد لله.

لا شك أن الإسلام دين عالمي، نزل للعالمين كافة ، ولم يفرق بين عربي وأعجمي ، إلا على أساس التقوى والقرب من الله تعالى، ولم يجعل لقوم فضلا على غيرهم لشكلهم أو لونهم أو لغتهم . لقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس أجمعين ليبين لهم هدفا من أهداف بعثته، فقال “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

 وقد جاء عليه السلام ليريح المظلومين من شبح العنصرية المبنية على اختلاف الأديان والأوطان والألوان والألسنة، فيعلن النبي – وهو عربي- للبشرية جمعاء “إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى”

وأخيرا.. فالإسلام منهج إنساني لا مكان فيه لتعصب وعصبية ، فإنسانيته فوق كل الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقبلية والقومية ، قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم:”أيها الناس .. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء ، كلكم لآدم وآدم من تراب”، وفي موضع أخر يقول: “ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية “.

                            والحمد لله رب العالمين

 

                                                            مدير عام الارشاد الديني

                                                            مقدم / شكري على خاطر

 

Developed by MONGID | Software House